كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

بِحَقِّهِ، وَإِلَّا وَجَّهْتَ عَلَيْهِ القَضَاءَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْلَى لِلْعَمَى وَأَبْلَغُ فِي العُذْرِ، وَالمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَجْلُوداً فِي حَدٍ، أَوْ مُجَرَّباً بِشَهَادَةِ الزُّورِ، أَوْ ظنيناً فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ؛ فَإِنَّ اللهَ- تَعَالَى- تَوَلَّى مِنْكُمُ السَّرَائِرَ وَدَرَأَ عَنْكُمُ الشُّبُهَاتِ، ثُمَّ إِيَّاكَ وَالضَّجَرَ وَالْغَلَقَ-[أَيْ: ضِيْقَ الصَّدْرِ وَقِلَّةَ الصَّبْرِ، وَهُوَ بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ]- وَالتَّأَذِّي بِالنَّاسِ وَالتَّنَكُّرَ بِالخُصُوْمِ فِي مَوَاطِنِ الحَقِّ الَّتِي يُوْجِبُ اللهُ بِهَا الأَجْرَ، وَيُكْسِبُ بِهَا الذُّخْرَ، وَإِنَّهُ مَنْ تَصْلُحُ سَرِيْرَتُهُ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ أَصْلَحَ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ تَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِمَا يَعْلَمُ اللهُ مِنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ يَشِنُهُ اللهُ، فَمَا ظَنُّكَ بِثَوَابِ اللهِ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا وَخَزَائِنِ رَحْمَتِهِ؟! وَالسَّلَامُ.
وهذه الوصية مستحبة، وقد يفهم كلام القاضي الحسين أن الوصية واجبة؛ فإنه قال: وعليه أني خلو به فيعظه ويخوفه الله- سبحانه-[ويحذره]، ويقرأ عليه عهد أمير المؤمنين عمر- رضي الله عنه- لأنه أبلغ ما يكون في الموعظة.
قال: وأشهد على التولية شاهدين أي: سواء قرب محل الولاية أو بعد؛ لتثبت بهما الولاية، وهذا قول أبي إسحاق، وعلى هذا فلا يحتاجان إلى لفظ الشهادة، بل يكفي إخبار [أهل] [محل الولاية] بها، ولا يحتاج إلى تقدم دعوى.
وفي "الحاوي": أنهما يشهدان عند أهل [عمل الولاية]، [فإذا شهدا، وكانا عدلين، فقد وجب على] أهل العمل طاعته.
ولو وصل القاضي إلى العمل، وأخبر أهله بالولاية من غير إشهاد- لم تلزمهم

الصفحة 79