كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

طاعته [إلا أن يصدقوه]، على أحد الوجهين في "الحاوي".
وقيل: إن كان البلد [قريباً] بحيث يتصل الخبر [به] لم يلزمه الإشهاد؛ لاستقلال الاستفاضة بإثباتها، وهذا قول الإصطخري، واختاره في "المرشد"، وفي "النهاية" عوضه: أن من أصحابنا من اكتفى بكتاب، وهو عندي مشروط بظهور مخايل الصدق في خطوط الكتاب؛ ولهذا قال في "الوسيط" في حكايته- إذا وصل بالعهد ولم تستفض ولايته ولا معه شهادة عدلين-: إنه يجب الاعتماد على الكتاب مع مخايل الصدق، وبعد الجرأة على التلبيس في مثل هذا الأمر، مع خوف سطوة السلطان.
وقد كان ولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتفي في ذلك بمجرد قولهم، وهذا ما صححه صاحب "الإشراف" بعد أن حكى عن الشاشي أنه قال: ظاهر المذهب أن الإشهاد لا يجب.
قال البندنيجي وغيره: وأصل هذا الخلاف المذكور في الكتاب الخلاف في أن النكاح والوقف والعتق [والولاء] هل تثبت بالاستفاضة أم لا؟ وعلى هذا جرى في "التهذيب"، فإن قلنا: تثبت، لزم الرعايا ها هنا الانقياد له، وإلا فلا.
قال الإمام: وإذا استخلف القاضي حاكماً في قرية، فقد لا يستفيض مثل هذا، ولا يشترط فيه الاستفاضة، بل ينقدح فيه الكتاب أو شاهدان.
قال: ويسأل القاضي عن حال البلد ومن فيه من الفقهاء والأمناء، أي: العدول قبل دخوله؛ لأنه يحتاج إليهم؛ فكانت معرفته بهم قبل الدخول ليعاملهم بما يليق بهم أولى، فإن قدر على ذلك في البلد الذي وقعت فيه الولاية فذاك، وإلا يعرفه في طريقه إلى محل ولايته أو في [محل] الولاية.
قال الرافعي: ويستحب [له] أن يدعو أصدقاءه الأمناء، ويلتمس منهم [أن يطلعوه على عيوبه؛ ليسعى في إزالتها.

الصفحة 80