كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 18)

الحساب في المقاسم والمواريث.
قال ابن القاص- كما قال ابن الصباغ في أوائل الباب-: ويحرص أن يكون فصيحاً عالماً بلغات الخصوم، حافظاً العجمية إلى العربية.
قال: ولا يتخذ حاجباً ولا بواباً؛ لما قدمناه في [باب] أدب السلطان، وقد رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَلَّدَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ الكُوْفَةَ، فَقَضَى فِيْهَا زَمَاناً بِغَيْرِ حَاجِبٍ، ثُمَّ اتَّخَذَ حَاجِباً؛ فَعَزَلَ عُمَرُ حَاجِبَهُ، ولأنه ربما أخر المتقدم وقدم المتأخر، ومنع من له ظلامة، فلو خالف واتخذه كره.
قال: فإن احتاج اتخذ حاجباً؛ لأجل الحاجة، عاقلاً [أي] كما وصفنا في الكاتب، أميناً بعيداً من الطمع؛ لأن اتصافه بذلك يمنع ما ذكرناه من المحذور.
ثم هذه الأوصاف يظهر أن تكون واجبة، وإن لم تكن واجبة في الكاتب؛ لأن ما يتفق من خيانة [لو اتفقت من الكاتب، أزاحها القاضي بنظره، وما يتفق من خيانة] تصدر من الحاجب والبواب، لا مستدرك لها، ويقوي ذلك أن الماوردي قال: الشروط المعتبرة في الحاجب نوعان: واجب، ومستحب:
فأما الواجب: فثلاثة: العدالة، والعفة، والأمانة.
وأما المستحب: فخمسة: أن يكون حسن المنظر، جميل المخبر، عارفاً بمقادير الناس، بعيداً من [الطمع] والهوى والعصبية، معتدل الأخلاق بين الشراسة واللين.
وحكى القاضي أبو الطيب عن ابن المنذر: أنه يستحب أن يكون خصيّاً؛ حتى يكون أبلغ في العفة.

الصفحة 94