كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)
هذا توضيح استدلال الشارح بهذا الإجماع.
واحتجُّوا بسقوط الفاتحة عن المسبوق، قالوا: فسقوطها عنه يدلُّ على أنها ليست فرضًا عليه أصلًا؛ إذ لو كانت فرضًا عليه لما تحمَّلها عنه كما لا يتحمَّل عنه غيرها.
واحتجُّوا بما رواه الإمام أبو حنيفة (¬١) ــ رحمه الله تعالى ــ عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شدَّاد بن الهاد عن جابر بن عبد الله: أنَّ النبي صلى اله عليه وآله وسلَّم صلَّى ورجلٌ خلفه يقرأ؛ فجعل رجلٌ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ينهاه عن القراءة في الصلاة، فلمَّا انصرف أقبل عليه الرجل؛ قال: أتنهاني عن القراءة خلف رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ ! فتنازعا، حتى ذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: "من صلَّى خلف إمام فإنَّ قراءة الإمام له قراءة".
وفي رواية عن أبي حنيفة (¬٢) رحمه الله: أنَّ رجلًا قرأ خلف رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الظهر أو العصر؛ فأومأ إليه رجلٌ فنهاه؛ فلما انصرف قال: أتنهاني؟ الحديث.
قالوا: وقد تابع أبا حنيفة على وصله سفيان وشريك.
نقل ابن الهمام (¬٣) عن "مسند أحمد بن منيع": أخبرنا إسحاق الأزرق حدثنا سفيان وشريك عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شدَّاد عن
---------------
(¬١) أخرجه من طريقه الدارقطني (١/ ٣٢٤، ٣٢٥) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٥٩). وسيأتي الكلام على هذا الحديث عند المؤلف.
(¬٢) أخرجها الدارقطني (١/ ٣٢٥).
(¬٣) في "فتح القدير" (١/ ٣٣٨). وسيأتي كلام المؤلف عليه، وأن كونه موصولًا بهذا الإسناد خطأ.