كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)
وكذا في روايات أخرى التقييد بالجهر.
وسنعقد لهذا الحديث فصلًا مستقلًّا، إن شاء الله تعالى.
وزَعْم الشارح أنَّ هذا الحديث ناسخٌ، فيه كلامٌ سيأتي قريبًا، إن شاء الله تعالى.
قال الشارح: (قوله: «فإنه لا صلاة ... » إلخ؛ فيه دلالة على أنَّ قراءة أم القرآن خلف الإمام إنما هو لكونها فرضًا ... ثم نُسِخت فرضيتها أيضًا في الصلاة فيما بعد؛ كما رواه ... عن أبي هريرة: «أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - انصرف من صلاةٍ جهرَ فيها بالقراءة؛ فقال: هل قرأ معي أحدٌ منكم آنفًا؟ قال رجلٌ: نعم يا رسول الله، قال: إني أقول مالي أُنازَع القرآن». هذا لفظ النسائي).
أقول: هذا حديث ابن أُكيمة، وقد تقدَّم الكلام عليه، وسأتتبَّعُ هنا كلام الشارح.
قال: (الاستفهام فيه للإنكار).
أقول: هذا إخراجٌ له عن حقيقته بلا دليل، وقد أجابه الرجل بقوله: نعم، أنا يا رسول الله. والاستفهام الإنكاري لا يستدعي الجواب.
والمتقدِّمون إنما فهموا النهي من الحديث من وجوهٍ أخر.
أحدها: أنَّ الاستفهام يدلُّ أنهم لم يكونوا مأمورين بالقراءة قبل ذلك؛ إذ لو كانوا مأمورين بها لكان - صلى الله عليه وآله وسلم - عالمًا بأنهم يقرؤون، فكيف يستفهمهم؟
وهذا الوجه يردُّ دعوى الشارح أنَّ هذا الاستفهام إنكاري؛ إذ كيف ينكر عليهم أمرًا عملوه طاعةً لله ورسوله، فلو أراد النسخ لقال: «كنتُ أمرتكم بالقراءة فلا تفعلوا» أو نحو ذلك.
الصفحة 190
636