كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

والدليل على أنَّ ذلك الأمر الروحاني كان يحصل ولو لم يرفع المأموم صوته قولُه - صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث عبادة: «هل تقرؤون إذا جهرتُ بالقراءة؟ » وفي حديث ابن أُكيمة: «هل قرأ معي أحدٌ منكم آنفًا؟ » ثم قوله: «وأنا أقول مالي أُنازَع القرآن»
[ص ٣] يريد ــ والله أعلم ــ: فأَنْصِتوا عما سوى الفاتحة، وقوله: «وإذا قرأ» أي: جهرًا؛ بحيث تسمعون صوته؛ بقرينة قوله: «فأنصتوا»، فإنَّ الإنصات عند أهل اللغة هو السكوت للاستماع، كما يأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى.
وبهذا تتفق الأدلة، ولله الحمد.
ما يحتجُّ به من قال: إنَّ المأموم لا يقرأ أصلًا
احتجُّوا بآية الإنصات، وبزيادة: «وإذا قرأ فأنصتوا» في حديث أبي موسى وحديث أبي هريرة.
[ص ٢] ثم قال الشارح: (وكذا القول بأنَّ حديث أبي هريرة مختصر من حديث عبادة، والواقعة واحدة= لا يصحُّ؛ لأنه قول بلا دليل).
أقول: دليله اتفاق الحديثين في أمور:
الأول: في أنَّ الصلاة كانت الصبح.
الثاني: في حديث عبادة: أنَّ القراءة ثقلت أو التبست على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وفي حديث أبي هريرة قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وأنا أقول مالي أنازع القرآن».
والمعنى واحد؛ في أنَّها ثقلت أو التبست عليه، وأنه نوزع فيها.

الصفحة 194