كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

[ص ٢٠] والحفَّاظ يرون أنَّ حديث عبادة الذي في الصحيحين وغيرهما مختصر من حديثه الذي ذكر فيه القصة.
وقد قيل: إنَّ حديث أبي هريرة في المنازعة هو في واقعة حديث عبادة بعينها؛ لاتفاقهما في أكثر الأمور. ويشهد لذلك مذهب أبي هريرة في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الجهرية وغيرها، وهذه القرائن كافية في إفادة الظنِّ عند أهل العلم، فلا التفاتَ إلى قول الشارح: "لا نسلِّم".
فعلى ما تقدَّم يكون حديث عبادة متأخرًا عن حديث المسيء صلاته جزمًا؛ لأنَّ أبا هريرة شهد القصة.
وفي الاتحاد نظر؛ كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولكن سيأتي في المسألة الرابعة حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "صلَّينا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ فلما انصرف قال: "هل تقرءون إذا كنتم معي في الصلاة؟ "، قلنا: نعم، قال: "فلا تفعلوا إلَاّ بأم القرآن" (¬١). وإسلام عبد الله بن عمرو بن العاص متأخر، والظاهر أنَّ قصته هي قصة عبادة، وذلك كافٍ في الدلالة على تأخُّر حديث عبادة.
وحديث عبادة وحديث أبي هريرة أشهر الأحاديث في وجوب الفاتحة. وبقيتْ أحاديث أخرى عن جماعة من الصحابة قد جمع أكثرها البخاري رحمه الله تعالى في "جزء القراءة".
فقد ثبت أنَّ أحاديث وجوب الفاتحة متأخرة عن الآيات الثلاث: آية القراءة، وآية الإنصات، وآية القنوت، ومتأخرة عن حديث المسيء صلاته.
---------------
(¬١) "جزء القراءة" للبخاري (ص ١٧٤ - ١٧٦).

الصفحة 24