كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

المتعاقدان أنهما بنيا العقد على ما تواطآ عليه كان ذلك في حكم وقوع الشرط في صلب العقد، وإن اتفقا على أنهما أعرضا عما كانا قد تواطآ عليه قبل أن يعقدا، وعقدا بعد الإعراض فلا أثر للمواطأة، وإن قالا: لم تحضرنا نيةٌ حالَ العقد، لا على بنائه على المواطأة، ولا على عدم ذلك، ففيه خلاف.
فنُقِل عن الإمام: أنه لا أثر للمواطأة. وقال صاحباه: بل لها أثرها حتى يتحقق الإعراض عنها، وكذا إذا اختلفا، فقال أحدهما: أعرضنا عن المواطأة، ولا بينة، أو قال: لم تحضرني نية. وخالفه الآخر فيهما. فعلى المنقول عن الإمام أن القول قول مدعي الإعراض أو الذهول. وقال صاحباه: قد ثبتت المواطأة، فلا يزول حكمها إلا ببيان واضح، والمرجح عند الحنفية هنا هو قول الصاحبين. وإذا لم تكن هناك مواطأة ولا شرط في صلب العقد، ولكن كانت نيتهما حالَ العقد أنه على ذلك الشرط، أفتى بعض الحنفية بأنه لا التفات إلى النية إذ لا مواطأة ولا شرط، وخالفه آخرون.
وإذا لم يكن شيء مما ذكر، ولكن وقع الشرط بعد العقد، ففي هذه أيضًا خلاف، فعن الإمام: أنه يلتحق بالعقد، كأنه وقع في صلبه، وعن الصاحبين: لا يلتحق. وقول الصاحبين هو الأصح عندهم.
أقول: والمعقول أن شرط العهدة والوفاء حيث حكم بأنه مؤثر في العقد، كان حكمه كما لو وقع في صلب العقد، وقد تقدم حكمه. وإن حكم بأنه غير مؤثر في العقد، فالشرط لاغٍ لا حكم له البتةَ.
ولكن قال بعضهم: إن ذكر البيع بلا شرط ثم ذكر الشرط على وجه المواعدة جاز البيع، ولزم الوفاء، وقد يلزم الوعد فيجعل هنا لازمًا لحاجة الناس إليه.

الصفحة 336