كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

في "الدر" (¬١) عن "شرح الدرر" أن المدار عندهم على دلالة الصيغة على النذر، فإذا لم تكن دالة عليه فلا لزوم، وإن دلت عليه دلالة ظاهرة لزم، وإن احتملت فالقياس لا يلزم، وفي الاستحسان يلزم.
فقوله: "إن عوفيتُ صمتُ" يحتمل أن يكون إخبارًا منه بأن سيصوم إذا عوفي، فيكون وعدًا لا يجب الوفاء به. ويحتمل أن يكون إنشاء على سبيل النذر، فيجب الوفاء به، فقالوا: القياس لا يلزمه، كأنه لأن الأصل براءة الذمة، وألزموه استحسانًا لقوة الاحتمال.
وقوله: "إن سلم ولدي أصوم ما عشتُ، فهذا وعد" لأنه رفع الفعل، وهو قوله: "أصوم" فكان ظاهرًا في الإخبار، فهو وعد لا يلزم، ومثله لو لم يكن تعليق، كأن قال: سأصوم يومًا.
فأما قوله: "كما إذا قال: أنا أحج، فلا شيء، ولو قال: إن فعلت كذا فأنا أحج، ففعل يجب عليه الحج".
فواضح أن قوله ابتداء: أنا أحج، إخبارٌ محضٌ، فهو وعدٌ لا محالةَ، وقوله: إن فعلت كذا فأنا أحج، ظاهرٌ في النذر.
فليس المدار على صورة التعليق، وإنما المدار على ظهور الصيغة في النذر فيلزم، أو احتمالها له احتمالًا مساويًا، فلا يلزم قياسًا، ويلزم استحسانًا.
إذا تقرر هذا فاعلم أن الصيغة التي يطلقها المشتري بعد العقد لا تلزم على مذهبهم أصلًا؛ لأنها إن كانت ظاهرةً في الوعد فقد علمت أن ذلك لا يلزم في مذهبهم، وإن وجدت صورة التعليق، وإن كانت محتملة أو ظاهرة
---------------
(¬١) حاشية ابن عابدين (٣/ ٧٤٠).

الصفحة 338