كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

في النذر أو نذرًا صريحًا، فلا تلزم على مذهبهم أيضًا؛ لأن من أصلهم أنه لا يجب بالنذر إلا ما كان عبادة مقصودةً من جنسه فرض بأصل الشرع.
وفي "الدر" عن "البدائع": "ومن شروطه أن يكون قربةً مقصودةً، فلا يصح النذر بعيادة المريض، وتشييع الجنازة، والوضوء، والاغتسال، ودخول المسجد، ومس المصحف، والأذان، وبناء الرباطات والمساجد". "الدر المختار" (ج ٣ ص ٧٣) (¬١).
وفي "تنوير الأبصار" (¬٢): "ولم يلزم ما ليس من جنسه فرض، كعيادة مريض، وتشييع جنازة، ودخول مسجد".
إذا علمت هذا فكلا الشرطين منتفٍ في رد المبيع بيعًا صحيحًا [باتًّا] على المشتري؛ إذ ليس قربةً مقصودةً، والدين جنسه قرض.
وفوق هذا فهو ذريعة إلى الربا كما لا يخفى، فقد يطمع الرجل في أن يرتهن أموال الناس وينتفع بها، فيجري عادته على أن كل من أجري معه صورة بيع بلا مواطأة ولا شرط، والثمن أقل من ثمن المثل، ينذر له بأن يقبله إذا طلب صاحب المال على أن يجري مع هذا الرجل صورة بيع بلا مواطأة ولا شرطٍ ثقةً بأنه سينذر له، علمًا بأنه لا يسعه إلا النذر؛ لأنه إن لم ينذر تسامع الناس بذلك فامتنعوا من معاملته، فتفوته منافع كثيرة.
فعلى هذا يكون هذا النذر وصلةً إلى الربا، ويصير الشرط واقعًا في العرف والعادة، فهو في معنى الواقع في صلب العقد.
---------------
(¬١) "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٧٣٥).
(¬٢) (٣/ ٧٣٦) مع "الدر المختار" وحاشيته.

الصفحة 339