كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

وعن الثانية بأن الآية من سورة الروم وهي مكية، وتحريم الربا والتشديد فيه إنما كان بالمدينة، فسبيل الربا سبيل الخمر في وقوع تحريمه على التدريج، فاقتُصِر أولًا على قوله: {فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ}، ثم نزلت عقب غزوة أحد قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}، ثم كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يبين بعض ما يتعلق بالربا على حسب ما يقتضيه الحال. ثم نزلت آيات البقرة.
وفي «البخاري» (¬١) وغيره عن ابن عباس أنها آخر آية أُنزلت. وروي كما في «الفتح» (¬٢) أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يَعِشْ بعدها إلا إحدى وعشرين، وقيل: تسع ليال، وقيل: سبعًا.
وفي «البخاري» (¬٣) وغيره من حديث عائشة: «لمَّا نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على الناس، ثم حرَّم التجارة في الخمر». وثَمَّ ما يدل على أن تحريم التجارة في الخمر قد كان قبل ذلك، فكأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما أعاده عند نزول آية الربا تنبيهًا على المشابهة بينهما. والله أعلم.
على أنه إن كان الربا في اللغة يشمل الزيادة [ق ١٣] الملتمسة بالهدية، فالأولى أن يقال: إن الربا في آية الروم يعمُّ النوعين. وارجعْ إلى ما تقدَّم في عبارة «اللسان».
---------------
(¬١) رقم (٤٥٤٤).
(¬٢) (٨/ ٢٠٥).
(¬٣) رقم (٤٥٤٠).

الصفحة 409