كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

ليس ببيعٍ، لكن إذا زيد فيه شرطُ النفع يصير بيعًا؛ لأنه حينئذٍ يفوت فيه كونه تبرعًا وصدقةً، فإذًا يكون بيعًا، وإذا صار بيعًا يجري فيه جميع أحكام بيع الأموال الربوية، فيكون الفضل».
[ص ٥] ثم قال: «وفيه أولًا أنّا لا نسلِّم أن يصدق عليه أنه معاوضة ابتداءً وانتهاءً؛ لأنه لا عوضَ له في الحال، كما مرَّ عن ملك العلماء».
أقول: هذا باطلٌ قطعًا، وإلّا كان كل بيع إلى أجلٍ كذلك، وحينئذٍ يلزمك أن تجوِّز ربا النسيئة في بيع درهم بدرهمين إلى أجل. وقد أطلق الحنفية أن الإجارة تصحّ بلفظ الإعارة، وتكون إجارةً بمالَها وعليها.
قال: «وقد أخرج ملكُ العلماء الهبةَ بالعوض عن البيع بدليل أنها ليست بمعاوضة في الابتداء ... ».
أقول: قد قدمنا إبطالَ هذا.
قال: «بدليل أن الملك فيها يقف على القبض ... ».
أقول: هذا الدليل دعوى مجردة، وزفر منكم والشافعية وغيرهم لا يقولون به. ومن قال: إنها تكون هبةً ابتداءً فأراه إنما قصد الاحتياط، كما يدلّ عليه ما صرَّحوا ببنائه على هذا القول، من اشتراط التقابض في العوضين، وعدم ثبوت الملك قبل القبض ونحو ذلك. وصاحب الاستفتاء يحاول من تشبيه القرض بشرط الزيادة بالهبة أن يحلِّل ما حرَّم الله تعالى من الربا.
فأما ما قاله صاحب «قرة عيون الأخيار» (¬١) في أثناء الكلام على الهبة
---------------
(¬١) (٨/ ٤٨٧).

الصفحة 419