كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

قصده من المعروف والصلة وانتفاع المستقرض، وما يتبع ذلك من الأجر والثواب. فأما إذا اشترط الزيادة فالأمر أوضح، فالذي يعطي تمرًا رديئًا ليردَّ إليه بقدره جيدًا لا يخفى أنه لا يريد أن يعود إليه رديئه ويفوتَه الجيّد.
ثم قال: «وثالثًا: أن القرض وإن اشترط فيه الزيادة فلا يصير بيعًا أيضًا لأمورٍ: الأول أن هذا الشرط خلاف مقتضى العقد، لأن مبنى القرض على التبرع، وإذا اشترط فيه الزيادة فات عنه كونه تبرعًا، ومن الأصول أن الشرط إذا كان خلافَ مقتضى العقد يُفسِده، ولكن القرض من العقود التي لا تفسد بالشروط الفاسدة، بل الشرط يصير مُلغًى والعقد صحيحًا، فإذا بقي القرض على صحته لم يصِرْ بيعًا ... ». ثم نقل من كتب الحنفية ما يُصرِّح بذلك.
فأقول: فإذا كان القرض إذا اشتُرِطتْ فيه الزيادة فاتَ كونه تبرعًا كما اعترفتَ به هنا، فما بالك أتعبتَ نفسَك وأتعبتَ أهلَ العلم وشَغلتَ الحَفَظةَ بما تقدمَ من إنكار ذلك والشغب فيه؟ بقي أنه لا يصير بيعًا ومعاوضةً بمجرد الشرط، بل يُلغَى الشرطُ، فيبقى القرض قرضًا شرعيًّا، وتبرعًا لا بيعًا، فهذه مسألة أخرى، فإنما ادَّعينا أن القرض مع شرطِ ردّ الأجود أو الأزيد بيع، وعَنَينا بذلك كما هو واضح ما دامَ الشرط قائمًا، وهو الأمر الذي تحاوله في رسالتك هذه، فإنك تحاول تصحيح الشرط ولزوم المشروط كما لا يخفى.
فهذا الأمر الذي تُحاوِله بيعٌ لا محالةَ، لفواتِ كونِه تبرعًا، كما اعترفتَ به آنفًا، فتجري عليه أحكام البيوع حتمًا. فإذا أعطاه خمسة آصُعٍ بشرط أن يردَّ ستةً كان فيه الربا من ثلاثة أوجه: ربا القرض وربا الفضل وربا النسيئة، ويكون داخلاً في الأحاديث المتواترة في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبرّ بالبرّ والشعير بالشعير والتمر بالتمر والزبيب بالزبيب، ويدخل

الصفحة 421