كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

تحت قولِ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «فمن زاد أو استزاد فقد أربَى» (¬١) حتمًا.
أما المسألة الأخرى ــ أعني أن مثل هذا الشرط لا يُفسِد المعاملةَ، ولكنه يُلْغَى الشرط ــ فقد اختلف فيها العلماء، فالشافعية وغيرهم يقولون: تبطُل هذه المعاملة أصلًا، والحنفية يقولون: بل يُلغى الشرط فيبقى العقد صحيحًا، ولكلٍّ وِجهةٌ هو مُولِّيها.
ثم قال: «والأمر الثاني: أن الفقهاء يُصرِّحون أن النفع المشروط في القرض شبيه بالربا، فلو يستحيل القرض بشرط النفع إلى البيع لصار هذا النفع ربًا حقيقةً، لا شبيهًا به».
أقول: إنما نقلتَ هذا القول عن ملك العلماء وعن ابن رشد، وقد دفعنا ذلك فيما تقدم، وبيَّنّا أنه ربًا حقيقةً. وقد نقلتَ أنت في استفتائك عمن هو أعلم من هذين بكتاب الله وسنة رسوله وفقهِ الأئمة وأسرارِ الشريعة ما يخالف ذلك، نقلتَ عن الجصَّاص الحنفي وغيره من الحنفية وغيرهم أنه ربًا حقيقي، بل ونقلتَ عن ابن القيم والشاه ولي الله أنه هو الربا الحقيقي. ثم اعترفتَ آنفًا بقولك: «وإذا اشترط فيه الزيادة فات عنه كونُه تبرعًا». وبيَّنّا أنه إذا فات عنه كونُه تبرعًا صارَ معاوضةً بالضرورة. والمعاوضةُ المحتملة هنا إما البيع وإما الإجارة وإما الهبة بشرط العوض، وقد حقّقنا أن الهبة بشرط العوض بيع، والإجارة لا وجهَ لها؛ لأنها إنما تكون على المنافع مع بقاء العين، والشارع إنما نزَّلَ القرضَ منزلةَ إباحةِ المنافع، ولم يلتفت إلى تلف العين، تسهيلاً للتبرع والمعروف والصلة، وليس مع الشرط تبرعٌ ولا معروفٌ
---------------
(¬١) سبق تخريجه.

الصفحة 422