كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)
المشروط فمبادلة كما سيجيء». وقد قال - صلى الله عليه وآله وسلم - مرشدًا لمن يريد شراء التمر الجيد بالرديء متفاضلاً: «بِعِ الجمعَ بالدراهم، ثم ابتَعْ بالدراهم جنيبًا» (¬١). فلو كانت الهبة بشرط العوض تُسقِط الربا لأرشده إليها، لأنها أسهلُ من أن يذهب فيبيع ثمره، ثم يرجع فيشتري بالدراهم تمرًا جيدًا. ووراءَ هذا فقد أثبتنا أن الهبة بشرط العوض بيعٌ البتَّة، والله أعلم.
[ص ٧] ونحن لم نقل: إن القرض الشرعي بيع، وإنما قلنا: إن القرض بشرطِ الزيادة بيع، فتدبَّرْ.
قال: «والأمر الرابع: أن القرض إذا اشترط فيه النفع يكون مكروهًا عند الفقهاء، قال محمد رحمة الله عليه في كتاب الصرف: إن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يكره كلَّ قرضٍ جرَّ منفعةً. قال الكرخي: هذا إذا كانت المنفعة مشروطةً في العقد، بأن أقرضَ غلَّةً ليردَّ عليه صحاحًا، أو ما أشبه ذلك، فإن لم تكن المنفعة مشروطة في العقد، فأعطاه المستقرض أجودَ مما عليه، فلا بأسَ. (عالمكيري) (¬٢).
وأخرج الزيلعي (¬٣) عن عطاء: كانوا يكرهون كلَّ قرضٍ جرَّ منفعةً. فلو ينقلب القرض من شرط النفع إلى البيع لكان نفعه حرامًا لكونه ربًا، لا مكروهًا؛ لأن المكروه غير الحرام، ودليلهما (¬٤) متغايران. قال العيني (¬٥):
---------------
(¬١) سبق تخريجه.
(¬٢) «الفتاوى الهندية» (٣/ ٢٠٢).
(¬٣) «نصب الراية» (٤/ ٦٠).
(¬٤) كذا في الأصل نقلًا عن «الاستفتاء».
(¬٥) «عمدة القاري» (١١/ ٢٠٠) نقلاً عن الماوردي من كلامه.
الصفحة 424
636