كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

والمكروه ما ثبت تحريمه بدليل ظني (¬١)، وقد يُستعمل فيما لا يأثم فاعلُه ولكنه غير محمود، وإذا بينوا قالوا: كراهة تحريم أو كراهة تنزيه. وقد أشرتَ إلى هذا بقولك: «ودليلهما متغايران»، ولكن هذه الإشارة لا تكفي لدفع الإيهام، بل الذي يظهر من صوغ العبارة تعمُّد هذا الإيهام، والله المستعان.
والمقصود مع صرف النظر عن هذا الإيهام أن صاحب الاستفتاء يرى أن ما نقله عن الإمام وصاحبه يُشعِر بأن القرض الذي يجرُّ منفعةً ليس قطعيَّ التحريم عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، ولو كان عندهما ربًا لنصَّا على أنه قطعيُّ التحريم.
فنقول بعد العلم بأن هذا لا يَنفي أصلَ التحريم بل يُثبِته:
الجواب من وجوه:
[ ....... ] كثيرًا ما يطلقون الكراهية في التحريم القطعي، وفي كتب الحنفية أمثلة من ذلك [ ..... ] كتبهم بأن اشتراط الزيادة في القرض حرام، واصطلاحهم أنهم [ص ٨] يَعنُون قطعيَّ التحريم، حتى صرَّح محدِّث الحنفية البدر العيني في «شرح البخاري» (¬٢) بقوله: «أجمع المسلمون نقلاً عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن اشتراط الزيادة في السلف ربًا». وقد نقله صاحب الاستفتاء في صفحة ١٧، واعترضه، وسنبيِّن بطلانَ اعتراضه.
وصرَّح كبْشُ الحنفية الجصَّاص في «أحكام القرآن» (¬٣) أن الربا في
---------------
(¬١) في الأصل: «قطعي»، وهو سبق قلم.
(¬٢) «عمدة القاري» (١٢/ ٤٥، ١٣٥).
(¬٣) (١/ ٤٦٥، ٤٦٧).

الصفحة 426