كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} يتناول اشتراط الزيادة في السلف. وقد نقله صاحب الاستفتاء أيضًا.
وصرَّح حكيم الحنفية الشاه ولي الله الدهلوي (¬١) بأن ذلك هو الربا الحقيقي، وما عداه فهو ربا غير حقيقي. ونقله صاحب الاستفتاء أيضًا.
وكلام هؤلاء ظاهر في أن الكراهية في كلام محمد أراد بها التحريم القطعي.
الوجه الثاني: أنه من المحتمل أن يكون الذي لم يثبت عندهما أنه حرام قطعي، وإنما ثبت أنه حرام ظني، هو اشتراط المنفعة، والمتبادر إلى الذهن من لفظ المنفعة هو ما ليس بزيادة في العين ولا في الصفة، وإنما هو نحو أن يشترط عليه أن يحمل معه متاعًا إلى بيته. وإذا سلَّمنا أن المنفعة أعمُّ من ذلك فلعلهما إنما عبَّرا بالكراهية التي هي لغةً أعمُّ من التحريم القطعي والظني، قابلة لعموم كلمة المنفعة.
الوجه الثالث: لو سلَّمنا أن أبا حنيفة ومحمدًا رحمهما الله إنما ثبت عندهما حرمة اشتراط الزيادة في القرض بدليل ظني، فهذا لا يدل على أنه ليس عليه دليلٌ قطعي اطلع عليه غيرهما. وكأنهما لم يستيقنا الإجماعَ على تحريمه، وتحقَّق بعدهما الإجماع، كما نقله جماعةٌ لا يُحْصَون من علماء المذاهب، كما تقدم بعض ذلك، ونصُّ العيني قريب. وسيأتي بحث الإجماع إن شاء الله تعالى.
الوجه الرابع: أنه على فرض أنه لم يثبت عندهما دليلٌ قطعي على
---------------
(¬١) «حجة الله البالغة» (٢/ ١٠٦).

الصفحة 427