كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)
التحريم، فذلك لا ينافي أنه عندهما ربًا، فإنه ليس لهما ولا لغيرهما اصطلاح أنه لا يُطلَق الربا إلَّا فيما ثبت بدليل قطعي أنه ربا.
ثم قال: «قال ابن الهمام (¬١): وأحسنُ ما هنا عن الصحابة والسلف ما رواه ابن أبي شيبة في «مصنِّفه» (¬٢): حدثنا [أبو] (¬٣) خالد الأحمر عن حجاج عن عطاء قال: كانوا يكرهون كلَّ قرضٍ جرَّ منفعةً. أي الصحابة يكرهون النفع المستحصَل من القرض، فهذا دليل على أن الصحابة أيضًا يفرّقون بين النفع المستحصل من القرض وبين الربا، حيث يجعلون الأول مكروهًا والثاني حرامًا».
أقول: قد قدمنا أن الكراهة في اللغة أعمُّ من اصطلاحكم، وقد أطلقها القرآن كما سمعتَ في مقابل الشرك وغيره من الكبائر، وعطاء لم يحكِ عن الصحابة أنهم قالوا: نكره، وإنما قال: «كانوا يكرهون» واصطلاحكم الذي لم يلتزمْه أئمتُكم إنما نشأ بعد عطاءٍ بزمانٍ. ويأتي ههنا ما قدمناه في الوجه الثاني قريبًا، ويشهد لذلك ما تقدم عن عمر، وفيه: «فدَعُوا الربَا والريبةَ». على أنه قد جاء عن الصحابة أن ذلك ربًا وأنه خبيث، كما نقلتَه أنتَ. وسيأتي إن شاء الله تعالى.
[ص ٩] ثم قال: «ومن ادعى أن القرض مطلقًا بيعٌ أو بشرط النفع، فلابدَّ عليه من البيان، ودعوى البداهة في موضع الخلاف غير مسموع».
---------------
(¬١) «فتح القدير» (٧/ ٢٥١).
(¬٢) رقم (٢١٠٧٧).
(¬٣) ما بين المعكوفتين من المؤلف، وهو كذلك في «المصنّف». وسقط من «فتح القدير».
الصفحة 428
636