كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

عبارةً، وفيها: «قد أجمع المسلمون نقلًا عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن اشتراط الزيادة في السلف ربًا». ثم اعترضه بأن العيني اعترف في «شرح الهداية» (¬١) ــ وهو متأخر عن «شرح البخاري» ــ بأنه لم يثبت في هذا الباب النهيُ عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
أقول: لا منافاة بين كلامه في الموضعين، وإنما أراد أنه لم يثبت حديثُ: «كل قرض جرَّ منفعةً فهو ربا»، وعدم ثبوته بل وعدم ثبوت النقل من وجهٍ تقوم به الحجة على حدته لا يُنافي ثبوت الإجماع.
وهذا كما قالوا في المتواتر: إنه لا يُشترط في المخبرين به العدالة ولا الإسلام. وقد نقل الإجماع جماعة لا يُحْصَون من جميع المذاهب الإسلامية، فنقله الجصاص (¬٢) وأثبت أن لفظ الربا في القرآن ينتظم الربا بالزيادة المشروطة في القرض وبغيرها، كما تقدم عنه.
ونقله أيضًا الباجي في «شرح الموطأ» (¬٣)، ونقله الشافعية والحنابلة في كتبهم، واتفقت المذاهب الأربعة والزيدية والإمامية والخوارج وسائر المسلمين عليه، ولا يُعلَم أحد ممن يتسمى بالإسلام خالفَ فيه.

[ق ٢٠] بعض الآثار عن الصحابة والتابعين
أخرج البخاري في «صحيحه» (¬٤) في مناقب عبد الله بن سلام أنه قال لأبي بردة بن أبي موسى: إنك بأرضٍ الربا فيها فاشٍ، إذا كان لك على رجل
---------------
(¬١) «البناية» (٧/ ٦٣١ - ٦٣٢) ط. دار الفكر.
(¬٢) في «أحكام القرآن» (١/ ٤٦٧).
(¬٣) «المنتقى» (٥/ ٦٥، ٩٧).
(¬٤) رقم (٣٨١٤). والقَتُّ: علف الدوابّ.

الصفحة 453