كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

وفي "القاموس" (¬١): "وبلغ كذا فصاعدًا؛ أي: فما فوق ذلك".
وقد رُوي حديث القطع بلفظ: "فما فوق" (¬٢) بدل "فصاعدًا"، وقد قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: ٢٦]. وليس المعنى بعوضة مع ما فوقها.
وهكذا ما في "صحيح مسلم" (¬٣) عن عائشة رضي الله عنها ترفعه: "ما من مسلمٍ يُشاك شوكةً فما فوقها إلَاّ كُتِبتْ له بها درجة، ومُحِيتْ عنه بها خطيئة". المعنى: يصيبه شوكة أو ما هو فوقها، وليس المعنى: تصيبه شوكة مع زيادة فوقها، أعني أنَّ الأجر المذكور متحقِّقٌ بإصابة الشوكة فقط، وليس المعنى: أنه لا يتحقَّق إلَاّ إذا انضمَّ إلى الشوكة زيادة.
واعلم أنَّ قولهم: "فما فوقه" يجيء على وجهين:
الأول: أن يكون المراد ما هو أعظم مما قبل الفاء، بدون أن يتضمَّن ما قبل الفاء؛ كما في الآية والحديث.
والثاني: أن يكون المراد به ما هو أزيد مما قبل الفاء؛ أي: بحيث يتضمَّن ما قبل الفاء وزيادة؛ كما في حديث القطع؛ لأنَّ المراد بربع دينار فيه ما يساوي ربع دينار اتفاقًا. فكل مالٍ يكون فوق ما يساوي [ص ٣٣] ربع دينار فهو عبارة عما يساوي ربع دينار مع زيادة.
فأما قولهم: "فصاعدًا" فإنما تصلح في الوجه الثاني؛ كما يعرف من
---------------
(¬١) (١/ ٣٠٧).
(¬٢) عند مسلم (١٦٨٤/ ٣).
(¬٣) رقم (٢٥٧٢).

الصفحة 47