كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)
فإن لم تطمئن نفسك إلى عموم العدل في الآية الأولى، وزعمتَ أن المراد العدل المعروف لا العدل الكامل ولا نوع من العدل، فلنا أن نسلِّم لك ذلك ثم نقول: قوله: {فَانْكِحُوا} صيغة أمر، وليس للوجوب قطعًا، فيُحمَل على الاستحباب؛ لأنه أقرب المحتملات إلى الحقيقة المتعذرة، وهي الوجوب. وإذا ثبت هذا ثبت مثلُه في قوله: {فَوَاحِدَةً}، أي فانكحوا واحدةً. فتوضيح الآية هكذا: المستحب لكم أن تنكحوا اليتامى اللاتي في حجوركم إلّا أن تخافوا أن لا تُقسِطوا إليهن، فالمستحب لكم أن تنكحوا غيرهن من النساء مثنى وثلاث ورباع، إلَّا أن تخافوا أن لا تعدلوا بين الزوجات العدلَ المعروف، فالمستحبّ لكم أن تنكحوا واحدةً فقط.
فغاية ما في الآية أنه عند الخوف لا يستحب نكاحُ أكثر من واحدة، وعدم الاستحباب لا يستلزم عدم الإباحة. فأما غير الإسلام من الأديان فحسبُك أن إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام كان له عدة زوجات، كما تعترف به التوراة. والله أعلم.
تعدد الزوجات والفطرة:
١ - المقصود الأصلي من الزواج هو التناسل، والمرأة لا تستطيع أن تَحْبَل إلا مرة واحدة في السنة تقريبًا، والرجل يستطيع أن يُحبِل في ليلة واحدة عدة نساء. وقد نُقل عن عمر بن عبيد الله بن معمر أنه جامع في ليلةٍ سبعَ عشرة مرةً، وحُكي أن إفرنجيًّا وحبشيًّا تباريا، فلم يستطيع الإفرنجي إلّا ثلاث مرات بعد الجهد، وأتمَّ الحبشي ثلاثين مرة.
٢ - مصلحة الطفل تقتضي أن لا ترضعه إلَّا أمُّه، وإذا جومعت أو حملت
الصفحة 543
636