كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 18)

قبلَ الرضاع أضرَّ ذلك بالطفل، ولاسيما إذا حملت. وأما الرجل فلا شأن له بذلك، أي أن جِماعه لامرأة في حالِ أن امرأة أخرى تُرضِع ولده لا يضرُّ بالطفل.
روى أبو داود (¬١) بسند صحيح عن الربيع بن أبي مسلمة عن مولاته عن أسماء بنت يزيد قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «لا تقتلوا أولادكم سرًّا، فإن الغَيْلَ يُدرِك الفارسَ فيُدَعْثِره».
وهذا الحديث إذا صحَّ فلابدَّ أن يكون متأخرًا عن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الغِيْلة: «لو كان ذلك ضارًّا ضرَّ فارسَ والرومَ»، وقوله: «لقد هممتُ أن أنهى عن الغِيْلة، فنظرتُ في الروم وفارس، فإذا هم يُغِيلون أولادهم، فلا يضرُّ أولادهم ذلك شيئًا» رواهما مسلم (¬٢).
والدليل على تأخر حديث النهي أن قوله في الحديث الثالث: «لقد هممتُ أن أنهى» صريح في أنه لم يتقدم منه نهيٌ، والحديث الأول نهيٌ صريح.
ودليل آخر، وهو أن الحديثين الأخيرين كانا عن اجتهادٍ وظنٍّ كما هو واضح، وحديث النهي جزمٌ بالضرر ولو بعد حينٍ، وظاهرٌ أن مثله لا يقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا عن وحي.
فإذا التزم الرجل والمرأة ترك الغيلة كان حاصل ذلك أن الرجل يجامع مرةً للغرض الأصلي وهو النسل، ثم يبقى نحو ثلاث سنين معطلًا إذا لم
---------------
(¬١) رقم (٣٨٨١).
(¬٢) رقم (١٤٤٢، ١٤٤٣).

الصفحة 544