كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 18)

(ح-١١٤٧) فقد روى البخاري من طريق ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، ومحمد بن النعمان بن بشير، أنهما حدثاه، عن النعمان بن بشير، أن أباه أتى به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما، فقال: أكل ولدك نحلت مثله، قال: لا، قال: فارجعه (¬١).
ويمنع الرجوع في الهبة عند الحنابلة: زيادة متصلة، واستهلاك العين، وكذا بيعها أو هبتها، أو وقفها، فلو عادت إليه بسبب جديد كبيع، أو إرث، أو وصية لم يملك الأب الرجوع. وكذلك يمنع الرجوع رهن الهبة ما لم تنفك.
° الراجح:
لم تثبت عندي زيادة (إلا الوالد فيما يعطى ولده) وحديث (العائد في هبته) حديث متفق على صحته، لا يمكن أن يخصص بحديث شاذ، فأرى أن الأب لا يرجع في هبته إذا وهب ولده، إلا فيما كان منهيًّا عنه كما لو كان فيها تفضيل لبعضهم على بعض، وأما حديث (أنت ومالك لأبيك) على فرض صحته فإنه لا يعني الملكية كما أن الابن غير مملوك لأبيه، وهو حر، فكذلك ماله، لا يملكه أبوه، وإنما يدل على أن الأب إن احتاج إلى الأكل وما يقيم بدنه وجب على الولد الإنفاق على أبيه، حتى لو كانت نفقته عليه من هبته له؛ لأن هذا سبب متجدد مختلف، فهو لم يرجع في هبته، وإنما ملكها بسبب مختلف كما لو ورثها، والله أعلم.
---------------
(¬١) البخاري (٢٥٨٦)، ومسلم (١٦٢٣).

الصفحة 638