كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 18)

الوجه الرابع:
أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أرجعه) دليل على صحة الهبة؛ لأن الهبة لو كانت باطلة لم يحتج الأمر إلى إرجاعه، وإنما أمره بالرجوع؛ لأن للوالد أن يرجع فيما وهبه لولده، ومن أجل استحباب التسوية رجح الرجوع على لزوم الهبة.
ورد هذا الجواب:
الذي يظهر أن معنى قوله: (أرجعه) أي لا تمض الهبة المذكورة، ولا يلزم من ذلك تقدم صحة الهبة.
الجواب الخامس:
أن قوله (أشهد على هذا غيري) يدل على صحة الهبة؛ لأنه لم يأمره بردها، وإنما أمره بتأكيدها بإشهاد غيره عليها، وإنما لم يشهد - عليه السلام - عليها؛ لتطلبه الأفضل (¬١).
وربما امتنع من الإشهاد لكونه الإمام، وكأنه قال: لا أشهد؛ لأن الإمام ليس من شأنه أن يشهد، وإنما من شأنه أن يحكم حكاه الطحاوي وارتضاه ابن القصار (¬٢).
ورد هذا الجواب:
أن الصيغة وإن كان ظاهرها الإذن إلا أنها مشعرة بالتنفير الشديد عن ذلك الفعل، حيث امتنع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المباشرة لهذه الشهادة، معللا بأنها جور،
---------------
(¬١) انظر التمهيد (٧/ ٢٢٧).
(¬٢) فتح الباري (٥/ ٢١٤).

الصفحة 655