كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 18)

فتخرج الصيغة عن ظاهر الإذن بهذه القرائن. وقد استعملوا مثل هذا اللفظ في مقصود التنفير.
ومما يستدل به على المنع أيضًا: قوله (اتقوا الله) فإنه يؤذن بأن خلاف التسوية ليس بتقوى، وأن التسوية تقوى، وفي رواية: لا أشهد إلا على حق، وما لم يكن حقًّا فهو باطل، ولا يلزم من كون الإمام ليس من شأنه أن يشهد أن يمتنع من تحمل الشهادة ولا من أدائها إذا تعينت عليه، ولأن ما لا يجوز لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشهد فيه لا يجوز لغيره أن يشهد فيه (¬١).
واعترض على هذا الرد:
بأن الجور: هو الميل عن الاستواء والاعتدال، وكل ما خرج عن الاعتدال فهو جور، سواء كان حرامًا أو مكروهًا وقد وضح بما قدمناه أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: أشهد على هذا غيري يدل على أنه ليس بحرام فيجب تأويل الجور على أنه مكروه كراهة تنزيه (¬٢).
والأول أصح.
° الراجح:
تحريم التفضيل بين الأولاد إلا أن يكون التفضيل بالوصف، وليس بالعين، كأن يقول: من يطلب العلم فله كذا، ومن يحفظ القرآن يستحق كذا، فهذا التفضيل ليس للشخص، وإنما هو للوصف، والله أعلم.
---------------
(¬١) انظر الحاوي الكبير (٧/ ٥٤٥)، شرح الزرقاني (٤/ ٨٣)، إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (٢/ ١٥٥).
(¬٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١١/ ٦٧).

الصفحة 656