كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 18)

ساعات، وكذا النهار، وكانوا كفارًا، وهم مقدار خمسين ألف خَرْكاة، فأسلموا جميعُهم، وصاروا [كلُّهم] على مذهب أبي حنيفة.
[وذكر الفقيه ابنُ الصابئ فقال: خرج هذا البَلْغَري وأصحابه إلى مكة مع أبي القاسم الأقساسي المتولِّي أمرَ الحاجِّ، فلمَّا توسَّط الطريق قطع عليه العرب].
وفيها قُرئ الاعتقادُ القادريُّ في ديوان الخليفة. قال أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء: أخرج القائم بالله اعتقاد أبيه فقُرئ على القضاة والأشراف والعلماء والزُّهَّاد، وحضر أبو الحسن ابن القزويني الزاهد، فمِنْه بعد حمد الله تعالى والصلاة على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: فإنه يجب على الإنسان أن يعلم أنَّ اللهَ وحدَه لا شريكَ له، لم يَزلْ أولًا وآخرًا، قادرًا على كل شيء، لا تُخْلِقُه الدهور والأزمان، ولا اختلافُ الليل والنهار، ولا يحويه مكان، وأنه خلق العرش لا لحاجته إليه، ثم استوى عليه كما شاء، لا استواءَ راحة، ولا ما يُشبه المخلوقين، ولا نَصِفه إلا بما وصف به نفسَه ووصفه به أنبياؤه، وأنَّ كلامه قديمٌ غيرُ مخلوق، كلَّم به موسى - عليه السلام - تكليمًا، وأنزله على محمد - صلى الله عليه وسلم - على لسان جبريل - عليه السلام - بعدما سَمِعه جبريلُ - عليه السلام - من الله تعالى، وتلاه على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتلاه محمد - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه، وتلاه أصحابُه على الأمة، ولم يصِرْ بتلاوة المخلوقين له مخلوقًا؛ لأنه ذلك الكلام بعينه الَّذي تكلَّم به اللهُ تعالى متلوًّا ومحفوظًا ومكتوبًا ومسموعًا، فمن قال بأنه مخلوق فهو كافر حلالُ الدم، وأن الإيمان قولٌ باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وأعلاه لا إله إلا الله، وأدناه إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا يعلم الإنسان ما يُفعَلُ به، ولا بماذا يُختم له. ثم ذكر الصحابة على طبقاتهم وقرابتهم، وترحَّم عليهم، وقال: مَنْ دخل بينهم فلا حظَّ له في الإسلام، جعلنا الله لآلائِه شاكرين، وبالسُّنَّة معتصمين، وغفَرَ لنا ولجميع المسلمين.
ولمَّا فرغ من قراءته كتب الشيخ أبو الحسن علي ابن القزويني الزاهد قبل أن يكتب
أحد: هذا اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فقد كفر، وكتب الناس بعده (¬1).
¬__________
(¬1) الخبر في المنتظم 15/ 279 - 283 مطول.

الصفحة 442