كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 18)

ببشارة السلطان بما رآه من مشاهدة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي أعظم مِنَّةً، ثم كتب توقيعًا إلى السلطان يتضمن العدل والإنصاف والوعظ، فقرأه رئيسُ الرؤساء، فبكى السلطان، وتقدم بالعدل وإخراج العساكر من دور النَّاس، وعاد إليها أربابُها، وطابَتْ قلوبُهم، وفتحوا دكاكينَهم، وعادوا إلى ما كانوا عليه.
وفي يوم الأحد سابع عشر جمادى الآخرة برز بعض العساكر السلطانية إلى الشَّمَّاسِية، وأمر أَبا الفوارس قُتُلْمِش بالتقدمة عليها.
وسبب ذلك تردُّد الرسائل (¬1) بين السلطان وبين قريش ودُبيس تتضمَّن الشكوى من الجند، ويسألان أن ينحدرا إلى تِكريت، ويخرج إليهم عميد الملك، ويُقرِّر ما يجب تقريره في بلادهما أُسوةً بتاج الملوك، وأعفاهما من الغُزِّ، فأرسل إليهما أن عميدَ الملك خارجٌ إلى تِكريت لتعزُّز ذلك، فجمعا أصحابهما وانحدرا، فأُشيع بأنَّ انحدارهما على نية فاسدة، وقاعدةٍ بينهما وبين البساسيري مستقرة، فتقدم عميد الملك إلى العسكر بالخروج إلى عُكْبَرا، ونهب الأعمال العليا والبلاد المريدية، فنُهِبَتْ سُوراء (¬2) ومطارياد (¬3) وغيرُهما، وحُمِلت المواشي إلى بغداد فبِيعت، وخربت البلاد، واندرست آثار القرى، وهَجَّ من كان بقي فيها، وجاء كتاب قريش يقول: بلغنا أنَّه أُرجِفَ علينا أنَّنا سِرْنا على نيةٍ فاسدةٍ وطويَّةٍ مخالفة، ومَعاذَ الله أن نشُقَّ عصا، أو نعِدَ وعدًا وما نفي به، وما نحن إلَّا الخدم الطائعون. فبعث عميدُ الملك إلى قُتُلْمِش أن يتوقف بعُكْبَرا حتَّى تتضح الحال.
وفي العشر الثاني من جمادى الآخرة ظهر وقت السَّحر في مطالع برج الأسد الجنوبية ذؤابةٌ بيضاءُ طولها في رأي العين نحوُ عشرة أذرع في عرض الذراع، ولبثت على هذه الحالة إلى نصف رجب، ثم اضمحلَّت وقيل: لرئيس الرؤساء [أبي القاسم]
¬__________
(¬1) في (خ): الرسل، والمثبت من (ف).
(¬2) سُوراء: موضع إلى جانب بغداد. معجم البلدان 3/ 278.
(¬3) هكذا في الأصلين (خ) و (ف)، ولم أقف على موضع بهذا الاسم، وإنما وجدت مَطارة: وهي قرية من قرى البصرة على ضفة دجلة والفرات. معجم البلدان 5/ 147.

الصفحة 504