كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 18)
ثم خرج أولادُ بَكْجُور وحرمُه بأمواله (¬1)، فرأى سعدُ الدولة شيئًا هاله، وكان جالسًا في سُرادِقاته وعنده ابن أبي حصين القاضي، فقال له: ما كُنْتُ أظنُّ أنَّ بَكْجُور عنده هذه الأشياء، فقال: هو مملوكُكَ، وأولاده مماليكك، ومالُه لكَ، ولا حِنْثَ عليكَ في الأموال التي حلفتَ [عليها]، ومهما كان فيها من وزْرٍ فعليَّ. فلما سمع ذلك أمر بردِّ الجميع، واستولى على الأموال والذخائر، وكتب أولاد بَكْجُور إلى العزيز بما جرى عليهم، فكتب إلى سعد الدولة: واللهِ لئن لم تردَّ الجميع وتحفَظْ يمينَك لأسيرنَّ إليك بنفسي. فقال لرسوله: كُلْ كتابه. فامتنع، فأمر بلطمه، فأكله، فقال له: قُلْ لصاحبك: ما تحتاج تجيء إليَّ، وأنا أجيء إلى عندك، وما أنا ممَّن يمرُّ عليه تمويهُك (¬2). وأمر بالعساكر فتقدمته إلى حمص، وعزم على المسير إلى الرملة، فمرض ومات، وسنذكره إن شاء الله تعالى (¬3).
[وفيها تُوفِّي]
جوهر القائد
[الَّذي فتح مصر، وبنى القاهرة، وذكره الحافظ ابن عساكر فقال (¬4): مولى أبي تميم [الملقب] (¬5) بالمُعِزّ، وهو الَّذي استولى على مصر [في] سنة ثمان وخمسين [وثلاث مئة].
ووطَّأ الأمور، [وهو صاحب الواقعة بالشام مع هفتكين التركي] (¬6)، وكان شجاعًا، بصيرًا بأمور الحرب، عاقلًا، لبيبًا (¬7)، جليلًا، سخيًا، لم يزل مقدَّمًا على الجيوش والدولة، حاكمًا على الكلِّ إلى أن توفي يوم الخميس لعشر بَقِين من ذي القعدة [في هذه السنة].
¬__________
(¬1) تحرفت في النسخ إلى: وأولاده.
(¬2) التمويه: التلبيس. الصحاح (مَوَهَ).
(¬3) بنحوه في الكامل لابن الأثير 9/ 85 - 88.
(¬4) تاريخ دمشق 4/ 53 (مخطوط).
(¬5) ما بين حاصرتين من تاريخ دمشق.
(¬6) جاء بدلًا منها في (خ) و (ب): وبنى القاهرة.
(¬7) في (م) و (م 1): نبيلًا.