كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 18)

10763 - حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، حدثنا يعقوب ابن إبراهيم بن سعد (¬1)، حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن عائشة أزوج النبي -صلى الله عليه وسلم-] (¬2) قالت: أرسل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها، فقالت: "يا رسول الله، إن أزواجك أرسلنني يسألنك العدل في بنت أبي قحافة -وأنا ساكتة- قالت: فقال لها: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أي بنية، أليس تحبين ما أحب"؟ فقالت (¬3): بلى، قال: "فحبي هذه". قال: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرجعت (¬4) إلى أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها (¬5) رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلن لها: ما نراك أغنيت عنا من شيء؛ فارجعي إلى
-[604]- رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقولي له: إن أزواجك ينشدنك العدل، في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمة: والله لا أكلمه فيها أبدًا، قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- زينب بنت جحش زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي التي كنت تساميني (¬6) منهن في المنزلة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم أر امرأة قط خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتتقرب به إلى الله عز وجل، ما عدا سَوْرةً (¬7) من حدة (¬8) كانت فيها، تُسرع منها الفيئة (¬9)، قالت: فاستأذنت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع عائشة في مرطها، على الحال التي دخلت فاطمة عليها، وهو بها، فأذن لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسول الله، إن أزواجك أرسلنني؛ يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، قالت:
-[605]- ثم وقعت بي (¬10) فاستطالت عليَّ، وأنا أرقب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأرقب طَرْفه؛ هل يأذن لي فيها، قال: فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكره أن أنتصر، قالت: فلما وقعت (¬11) لم أنشبها (¬12) حتى أنحيت (¬13) عليها، قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وتبسم-: "إنها ابنة أبي بكر" (¬14).
¬_________
(¬1) يعقوب بن إبراهيم بن سعد هو موضع الالتقاء.
(¬2) من نسختي (ل)، (ح)، وعليها في نسخة (ح) إشارة (لا- إلى).
(¬3) في نسخة (ل): قالت.
(¬4) في نسخة (ل): ورجعت.
(¬5) كلمة (لها) ساقطة من نسخة (ل).
(¬6) أي: تعاليني، مفاعلة من السمو، أي: تنازعني في الحظوة عنده، وتطاولني، وتفاخرني. المجموع المغيث (2/ 132).
(¬7) سورة -بسين مهملة مفتوحة، ثم واو ساكنة، ثم راء، ثم تاء-: ثورة، وعجلة غضب.
انظر: النهاية (2/ 420)، وشرح النووي (15/ 202).
(¬8) الحدة: كالنشاط، والسرعة في الأمور، والمضاء فيها. النهاية (1/ 352، 353).
(¬9) الفيئة -بفتح الفاء، وبالهمز- هي: الرجوع. انظر: المجموع المغيث (2/ 649، 650)، والنهاية (3/ 482، 483)، وشرح النووي (15/ 202).
(¬10) وقعتَ بفلان: إذا لمته وعنفته، ووقعت في فلان: إذا عبته وذممته.
انظر النهاية (5/ 215).
(¬11) في الأصل ونسخة (هـ): (رفعت)، وفي نسخة (هـ) علامة إهمال فوق حرف الراء.
والذي أثبته من نسخة (ل) وصحيح مسلم.
(¬12) لم أنشبها: لم أمهلها. ولم ينشب أفعل كذا: أي: لم يلبث. وحقيقته: لم يتعلق بشيء غيره، ولا استغل بسواه.
انظر: النهاية (5/ 52)، وشرح النووي (15/ 202).
(¬13) أنحيت -بالنون، والمهملة- أي: قصدتها، واعتمدتها بالمعارضة.
وذكر ابن الأثير أن المشهور (أثخنت) بالمثلثة، والخاء المعجمة، والنون -وهذا اللفظ هو رواية ثانية عند مسلم. ومعناه- كما قال ابن الأثير-: بالغت في جوابها وأفحمتها.
انظر النهاية (5/ 30) و (1/ 208).
(¬14) أخرجه مسلم في صحيحه -كتاب فضائل الصحابة، باب في فضل عائشة، رضي الله تعالى عنها- (4/ 1891، 1892/ حديث رقم 83).

الصفحة 603