كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

الحديث: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" الحديث (¬1) (قال: وقضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأنف إذا جدع) بالدال المهملة، أي: قطع جميعه واستوعب.
وفي كتاب عمرو بن حزم: "وفي المارن إذا أوعب جدعًا" (¬2) (الدية كاملة) قال الشافعي: ومعلوم أن الأنف غضروف، وهو المارن، وهو: ما لان من الأنف؛ لأن العظم لا يقدر على قطعه (¬3)، ولا فرق بين الأخشم وغيره؛ لأن الشم ليس منه، وعبارة البويطي موضع اللحم كله (وإن جدعت ثندوته) بفتح الثاء المثلثة كما تقدم، وهي في اللغة مغرز الثدي، فإن فتحت الثاء لم تهمز آخره، وإن ضممتها همزت.
قال ابن الأثير: إن أريد بها روثة الأنف، فقد قال أكثر الفقهاء: إن فيها ثلث الدية. وقال بعضهم: فيها النصف، كما في الحديث (¬4).
والروثة بالثاء المثلثة: طرف الأنف، يقال: فلان يضرب بلسانه روثة أنفه (فنصف العقل) أي: نصف الدية، واعلم أن الإمامين العظيمين الخطابي وابن الأثير حملا الثندوة على طرف الأنف؛ لأن فيها ضميرًا يعود على الأنف (¬5)، وفيه حمل اللفظ على غير معناه الأصلي، فإن
¬__________
(¬1) رواه البخاري (6732)، ومسلم (1615) من حديث ابن عباس.
(¬2) رواه النسائي في "الكبرى" 4/ 245: وفي الأنف إذا أوعب جدعًا مائة من الإبل.
(¬3) "الأم" 7/ 291.
(¬4) "جامع الأصول" 4/ 425.
(¬5) "معالم السنن" 4/ 27، "جامع الأصول" 9/ 246، "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 223.

الصفحة 18