كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

الثندوة عند أئمة اللغة والفقهاء وغيرهم وفي العرف المتبادر إليه المعنى هي أنها للرجل بمنزلة الثدي للمرأة، كذا قال الجوهري (¬1) وغيره، وقال الأصمعي: هي مغرز الثدي. أي: من المرأة.
وقال ابن السكيت: هي اللحم التي حول الثدي (¬2).
وعلى هذا فيكون الضمير عائدًا على صاحب الأنف لا على الأنف بمفرده، لأن المحكوم عليه في الحديث هو صاحب الأنف إذا قطع أنفه، لا على الأنف بمفرده، وإذا قلنا: إن المراد به ثدي المرأة، فلا خلاف أن فيه نصف الدية، وإن حملناه على ثدي الرجل، فهو أيضًا حجة على القول القديم للشافعي أن فيه نصف الدية، ورجحه بعض الشافعية -رضي اللَّه عنهم-، وهو مذهب إسحاق وأحمد بن حنبل (¬3)، وهو جار على القاعدة الكلية أن ما وجب فيه الدية من المرأة وجب فيه من الرجل كاليدين وسائر الأعضاء؛ ولأنهما عضوان في البدن يحصل بهما الجمال، فليس في البدن غيرهما من جنسهما فوجب فيهما الدية كاليدين، ومما حملني على مخالفة هذين الإمامين أني وجدت في بعض نسخ رواية ابن داسة مفسرًا في الأصل، فقال: وإن جدعت ثندوته فنصف العقل. يعني: الثدي، وأيضًا فحمل الحديث على قول هؤلاء الأئمة أولى من حمله على قول حكاه ابن المنذر في "الاختلاف" ولم يسم قائله، واللَّه أعلم.
¬__________
(¬1) "الصحاح" 1/ 38.
(¬2) "إصلاح المنطق" (ص 113).
(¬3) انظر: "الأوسط" لابن المنذر 13/ 280 - 281، "الحاوي الكبير" 12/ 292، "روضة الطالبين" 9/ 285، "مسائل أحمد رواية الكوسج" 2/ 227، "المغني" 12/ 143.

الصفحة 19