كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

الإنسان؛ لأن اللَّه تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم.
قال ابن عبد البر: معناه الأبيض؛ ولذلك سميت غرة، فلا يوجد فيها الأسود؛ ولهذا اختار مالك أن تكون من الحمر (¬1)، والذي قاله أبو عمر خلاف ما اتفق عليه الفقهاء أنه يجزئ فيها البيضاء والسوداء، ولا تتعين البيضاء، وإنما المعتبر عندهم أن تكون قيمتها عشر دية الأم، أو نصف عشر دية الأب (وجعله على عاقلة المرأة) أي: على أولياء المرأة الضاربة، وهذا نص على أن الغرة يقوم بها العاقلة، وبه قال الكوفيون (¬2) والشافعي (¬3)، وهو أحد قولي مالك، وقيل: إنه على الجاني (¬4). قال القرطبي: وهو المشهور من مذهب مالك، وقاله أهل البصرة (¬5).
[4569] (ثنا عثمان بن أبي شيبة) قال (ثنا جرير، عن منصور بإسناده ومعناه، وزاد: فجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دية المقتولة على عصبة القاتلة) وقد احتج بظاهر الحديث من رأى أنه لا يستقاد ممن قتل بمثقل، وإنما عليه الدية وهم الحنفية (¬6)، ولا حجة لهم في ذلك لما تقدم من أنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أقاد ممن قتل بحجر، كما تقدم في حديث اليهودي الذي رضَّ رأسها بين
¬__________
(¬1) "المدونة" 4/ 634 - 635.
(¬2) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 5/ 175، "المبسوط" 26/ 87، "بدائع الصنائع" 7/ 255.
(¬3) "الأم" 7/ 267.
(¬4) قال في "المدونة" 4/ 630: لا تحمله العاقلة، وإنما هو في مال الجاني.
(¬5) "المفهم" 5/ 63.
(¬6) انظر: "المبسوط" 26/ 122.

الصفحة 34