ثم قرأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} (¬1)؛ أي: يقولون على الناس، ويكذبون عليهم بما لم يقولوه، وليس فيهم، أما إذا كان الكلام في عرض الآدمي بحق كما إذا مطله حقه وهو قادر على وفائه؛ فإن له أن يتكلم في عرضه بأن يقول: مطلني حقي وهو قادر عليه؛ كما قال -عليه السلام-: "مطل الغني ظلم" (¬2)، وفي البخاري: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" (¬3) أي: مطل الواجد القادر يحل الماطل للممطول بأن يباح له الكلام في عرضه، ويباح له عقوبته بالحاكم، وهو حبسه، وذكر العلماء أن الكلام في عرض الآدمي يباح في ستة تقدمت، وبلغها العماد (¬4) إلى سبعة عشر في قصيدة له، فمن الزائد على الستة قوله:
ومظهر البدعة اذكرها لمنكرها ... ومخفي البدعة اذكرها لمن جهلا
¬__________
(¬1) الأحزاب: 58، والحديث في "مسند أبي يعلى" 8/ 145 (4689) من حديث عائشة، وفيه: "أزنى الزنا" بالزاي.
(¬2) تقدم برقم (3345) من حديث أبي هريرة.
(¬3) أورده البخاري معلقا بصيغة تمريض قبل حديث (2401)، وقد تقدم برقم (3628) من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه.
(¬4) هو أحمد بن عماد بن يوسف الأقفهسي المعروف بابن العماد، أحد أئمة الفقهاء الشافعية في هذا العصر صنف التصانيف المفيدة نظمًا وشرحًا وله "أحكام المساجد" و"أحكام النكاح" و"حوادث الهجرة"، وغير ذلك، قال الحافظ: سمعت من نظمه ومن لفظه، وكتب عنه الشيخ برهان الدين محدث حلب من فوائده، توفي سنة ثمان وثمانمائة. "إنباء الغمر بأبناء العمر" 2/ 332.