كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

تقدم (فقال) له (خلني وربي) فإن ربي يغفر الذنب ويقبل التوب (أبعثت) بفتح همزة الاستفهام وضم الموحدة وكسر العين وسكون الثاء المثلثة؛ أي: أبعثك اللَّه (عليَّ رقيبًا) أي: موكلا بي ترصدني في أفعالي وأقوالي، بل الرقيب عليَّ وعليك وعلى كل شيء اللَّه تعالى، واللَّه تعالى يقول: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} (¬1).
(فقال: واللَّه) قسم (لا يغفر اللَّه لك) أبدًا (أو) قال (لا يدخلنك اللَّه تعالى الجنة) أبدًا (فقبض اللَّه تعالى أرواحهما) مترتبين واحدًا بعد واحد، كما في الغالب، ويحتمل أن يكونا في وقت واحد. (فاجتمعا عند رب العالمين) أي: بين يديه للحساب (فقال لهذا المجتهد: أكنت بي) حين قلت له ما قلت (عالما؟ ) بأني لا أغفر له، وأنا الغفور الرحيم، ولا يحيط أحد بما في علمه إلا بما شاء (أو كنت على ما في يدي) يحتمل أن يكون بالتثنية والدال مفتوحة والياء مشددة، ويحتمل الإفراد وكسر الدال، والظاهر التثنية؛ لقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (¬2) (قادرًا) على أني لا أدخله الجنة.
(وقال للمذنب: ادخل الجنة برحمتي) التي وسعت كل شيء.
(وقال للآخر) يعني: المجتهد في العبادة (اذهبوا به إلى النار) وقريب من هذا رواية مسلم: أن رجلًا قال: واللَّه لا يغفر اللَّه لفلان. وأن اللَّه قال: من ذا الذي يَتَأَلَّى عليَّ، على (¬3) أني لا أغفر لفلان؟ فقد غفرت لفلان وأحبطت عملك (¬4).
¬__________
(¬1) الأحزاب: 52.
(¬2) المائدة: 64.
(¬3) ساقطة من (م).
(¬4) "صحيح مسلم" (2621) من حديث جندب.

الصفحة 648