كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

وفيه دلالة لمذهب أهل السنة في غفران الذنوب بلا توبة إذا شاء اللَّه غفرانها، وظاهر الحديثين أن هذا المجتهد قطع وجزم بأن اللَّه لا يغفر للمذنب [فكأنه حكم علم اللَّه وحجر عليه، وبغى بتجاوز الحدود حين قطع بأن اللَّه لا يغفر للمذنب] (¬1) وهذا -واللَّه أعلم- هو وجه إدخال المصنف هذا الحديث في البغي الذي أوجب به النار، وهذِه نتيجة الجهل بأحكام الإلهية، والإدلال على اللَّه بما اعتقد أن له عنده من الكرامة والحظ والمكانة.
ويستفاد من الحديث تحريم الإدلال على اللَّه تعالى، ووجوب التأدب معه في الأقوال والأفعال، وأن حق العبد أن يعامل نفسه بأحكام العبودية ومولاه بما يجب له من أحكام الإلهية والربوبية.
(قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده: لتكلم) المجتهد في العبادة (بكلمة) أي: بكلام، فإن الكلمة تطلق ويُراد بها الكلام، لكن قللها بالكلمة لعظم وبالها (أوبقت) بفتح القاف، أي: أهلكت وأفسدت عليه (دنياه وآخرته) ونظير هذِه الكلمة قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفًا" (¬2).
[4902] (ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا) إسماعيل (ابن علية، عن عيينة) تصغير عين (بن عبد الرحمن) بن جوشن الغطفاني، وثقه النسائي (¬3).
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(¬2) رواه البخاري (6478)، ومسلم (2988)، والترمذي (2314)، وابن ماجه (3970) من حديث أبي هريرة مرفوعًا، واللفظ للترمذي وابن ماجه.
(¬3) انظر: "تهذيب الكمال" 23/ 79 (4675).

الصفحة 649