كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

السماء دونها) لأن أبواب السماء لا تفتح إلا للعمل الصالح؛ لقوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} (¬1)، وقوله: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ} (¬2).
(ثم تهبط) اللعنة (إلى الأرض، فتغلق أبوابها) أبواب الأرض السبعة (دونها) فلا تفتح؛ لتصل إلى سجين تحت الأرض السابعة؛ لأن صاحبها فوق الأرض (ثم تأخذ) اللعنة فتتردد (يمينًا وشمالا) في الأرض، لا تدري أين تذهب (فإذا لم تجد مساغًا) أي: مسلكًا وسبيلا تنتهي منه إلى مكان تستقر فيه (رجعت إلى الذي لعن) بضم اللام وكسر العين.
(فإن كان لذلك أهلًا وإلا رجعت) بإذن ربه (إلى قائلها) ويدل على الإذن ما رواه أحمد بإسناد جيد، عن ابن مسعود قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن اللعنة إذا وجهت إلى من وجهت إليه، فإن أصابت عليه سبيلا أو وجدت فيه مسلكًا، وإلا قالت: يا رب، وجهت إلى فلان فلم أجد فيه مسلكًا ولم أجد عليه سبيلا. فيقال: ارجعي من حيث جئت" (¬3) يعني: إلى قائلها.
ونظير اللعنة من قال لأخيه: يا كافر. وللبخاري: "لا يرمي رجل رجلًا بالفسق، ولا يرميه بالكفر إلا ردت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك" (¬4) قلت: ويحتمل أن يكون من هذا ما لو قال للكافر ظنه
¬__________
(¬1) فاطر: 10.
(¬2) الأعراف: 40.
(¬3) "مسند أحمد" 1/ 408.
(¬4) "صحيح البخاري" (6045) من حديث أبي ذر مرفوعًا.

الصفحة 658