كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

(عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: تفتح أبواب الجنة) قال الباجي: معنى فتحها كثرة الصفح والغفران، ورفع المنازل وإعطاء الثواب الجزيل (¬1). قال القاضي: ويحتمل أن يكون على ظاهره، وأن فتح أبوابها علامة لذلك (¬2).
قلت: ويحتمل أن الذي يفتح أبواب الجنة التي لا يدخل منها إلا المتحابون في اللَّه، ويحتمل أن يفتح جميع الأبواب، وهي تزيد على العشرة، ولا تختص بالثمانية. وفي الحديث حجة لأهل السنة على قولهم: إن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان. خلافا للمبتدعة القائلين أنهما لم يخلقا بعد، ولمسلم: "تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين" (¬3) ولا منافاة بين عرض الأعمال وفتح أبواب الجنة؛ إذ قد يجمع بينهما بأن الأعمال تعرض أولًا، ثم تفتح أبواب الجنة؛ ليدخل فيها الأعمال المقبولة، وهي أعمال المصطلحين.
(كل يوم اثنين وخميس) وقد خص اللَّه هذين اليومين بفتح أبواب الجنة فيهما وعرض الأعمال على اللَّه لحقيقة يعلمها سبحانه ومن اختاره.
وروى الإمام أحمد: "تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" (¬4).
(فيغفر في ذلك) أي: في هذين اليومين (لكل عبد لا يشرك باللَّه شيئًا)
¬__________
(¬1) انظر: "إكمال المعلم" 8/ 33.
(¬2) السابق.
(¬3) "صحيح مسلم" (2565) (36) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(¬4) "مسند أحمد" 5/ 201 من حديث أسامة بن زيد مرفوعًا.

الصفحة 672