كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

56 - باب فِي الظَّنِّ
4917 - حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبي الزِّنادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "إِيّاكُمْ والظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلا تَحَسَّسُوا وَلا تَجَسَّسُوا" (¬1).
* * *

باب في الظن
[4917] (ثنا عبد اللَّه بن مسلمة) القعنبي (عن مالك، عن أبي الزناد) عبد اللَّه بن ذكوان. (عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إياكم والظن) المراد: ظن السوء، فهو المنهي عنه، وعن التهمة التي لا سبب لها يوجبها، كمن يتهم بالفاحشة أو شرب الخمر أو السرقة، ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك. (فإن الظن أكذب الحديث) أي: فإن سوء الظن الكاذب أكثر من كذب الحديث، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن الظن السوء أعظم إثمًا من الكذب، أي: إياكم وسوء الظن، وهو الشك يعرض لك فتريد تحقيقه وتصديقه والحكم به. وقيل: أراد: إياكم وسوء الظن وتحقيقه دون مبادئ الظنون التي لا تملك وخواطر القلوب التي لا تدفع. والمراد: أن المحرم من الظن ما يصر صاحبه عليه، ويستمر في قلبه دون ما يعرض في القلب ولا يستقر، فإن هذا لا يكلف به، كما في الحديث: "تجاوز اللَّه عما تحدث به الأمة ما لم تتكلم أو تعمل" (¬2).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (5143)، ومسلم (2563).
(¬2) رواه البخاري (5269)، ومسلم (127) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.

الصفحة 675