كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

ونقل القاضي عن سفيان: الظن الذي يأثم به هو ما ظنه وتكلم به، فإن لم يتكلم لم يأثم (¬1). ويدل على كون الظن بمعنى التهمة قوله بعد هذا: "ولا تجسسوا" وذلك أنَّه قد يقع له خاطر التهمة ابتداء فيريد أن يتجسس خبر ذلك، ويبحث عنه ليحقق ما وقع له من تلك التهمة، فنهي عن ذلك؛ ولهذا جاء في الحديث: "إذا ظننت فلا تحقق" (¬2).
(ولا تحسسوا ولا تجسسوا) الأول: بالحاء المهملة، والثاني: بالجيم. قال بعض العلماء: التحسس بالحاء: الاستماع لحديث القوم، وبالجيم: البحث عن العورات. وقيل: التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يكون في السر، ومنه: الجاسوس: صاحب السر.
وقيل: هما بمعنًى واحدٍ، وهو طلب معرفة الأخبار الغائبة والأحوال.
وقيل: بالجيم طلب البحث عن الشيء لغيرك، وبالحاء: طلبه لنفسك.
قلت: الظاهر أن التحسس بالحاء المهملة هو يعم البحث عن التحقيق بكل واحد من الحواس الخمس، وبالجيم هو البحث عن التحقيق لتحققه تحقيق من جس الشيء واجتسه ليعرف حقيقته، ومنه الجساسة، وهي الدابة التي تطلب خبر الدجال، والجاسة بالجيم لغة في الحاسّة.
* * *
¬__________
(¬1) "إكمال المعلم" 8/ 28.
(¬2) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 4/ 17 (1962)، والطبراني 3/ 228 (3227) من حديث حارثة بن النعمان مرفوعًا.
وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (2526).

الصفحة 676