كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 18)

محمد بن طاهر: قد ورد من غير هذِه الطريق أن ابن عمر سمع راعيًا. وذكره.
(عن الطريق) التي هو بها إلى غيرها، وفيه أن أول صوت يسمعه، أو أول مزمار يسمعه، أو أول نظرة ينظرها غير مؤاخذ بها، بل المحرم استمراره على السماع أو النظر.
قال أصحابنا: إن المحرم هو الاستماع المقصود دون السماع اتفاقًا.
وقد صرح أصحابنا بأنّه لو كان في جواره ملاهٍ محرمة لا يمكنه إزالتها لا يلزمه النقلة، ولا يأثم بسماعها إلا عن قصد.
وقول من قال: إن زمارة الراعي لا تتعين أنها الشبابة فإن الرعاة يصفرون (¬1) بالشعيبة وغيرها، يوهم أن ما يسمى شعيبة مباح مفروغ منه. قال الأذرعي: وهذا لم أره لأحد. والشعيبة عبارة عن قصبات صغار تحصر صفًّا، وتعرض رؤوسها، يتعاطاها بعض المجان والعجم، ولها إطراب بحسب حذق متعاطيها، وهي شبابة أو مزمار (¬2).
(وقال: يا نافع، هل تسمع شيئًا؟ ) قال الدولقي: ومعنى قوله (هل تسمع) معناه: تسمع، بمعنى هل تسمع شيئًا أو لا؟ وإنما أسقط تسمع لدلالة الكلام عليه، إذ من وضع أصبعيه في أذنيه لا يسمع شيئًا، وإنما أذن له في هذا القدر لموضع الضرورة. انتهى.
(قال: لا) أسمع شيئًا (فرفع) ابن عمر (أصبعيه من أذنيه) فيه أنه يجب على السامع سد أذنيه عند سماع المنكر، كما أنه يجب غض البصر عند
¬__________
(¬1) كذا بالمخطوط، وفي "الزواجر": يضربون.
(¬2) "الزواجر عن اقتراف الكبائر" 2/ 344.

الصفحة 695