كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 18)

هذا فان اليمين تنعقد بالحلف بالله تعالى أو باسم، أجمع أهل العلم على أن من حلف بالله عز وجل فقال: والله أو بالله أو تالله فحنث أن عليه الكفارة.
وقال ابن المنذر: وكان مالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأى يقولون: من حلف باسم من أسماء الله تعالى فحنث أن عليه الكفارة ولا نعلم في هذا خلافا إذا كان من أسماء الله عز وجل التي لا يسمى بها سواه، وأسماء الله تعالى أربعة أقسام كما مضى نقلنا عن أصحابنا، وهى من حيث انعقاد الحلف بها
في الاستعمال تنقسم إلى ثلاثة أقسام، فأولها هو العلم وما يجرى مجراه ممالا يسمى به غير الله تعالى مثل الله والرحمن، والاول الذى ليس قبله شئ والآخر الذي ليس بعده شئ، ورب العالمين، مالك يوم الدين، ورب السموات والارضين والحى الذي لا يموت ونحو هذا فالحلف بهذا يمين بكل حال، وان نوى غيره والثاني: ما يسمى به غير الله تعالى مجازا، واطلاقه ينصرف إلى الله تعالى مثل الخالق والرازق والرب والرحيم والقادر والقاهر والملك والجبار ونحوه، فهذا مما يشترك الله تعالى في التسمى به مع غير من مخلوقاته، ويطلق على غير الله مجازا بدليل قوله تعالى " إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون افكا " " أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين " وقوله " ارجع إلى ربك " " واذكرني عند ربك - فأنساه الشيطان ذكر ربه " وقال " فارزقوهم منه " وقال " بالمؤمنين روءف رحيم " فهذا ان نوى به اسم الله تعالى أو أطلق كان يمينا: لانه باطلاقه ينصرف إليه.
وان نوى به غير الله تعالى لم يكن يمينا لانه يستعمل في غيره فينصرف بالنية إلى مانواه، وهذا مذهب أحمد.
وقال بعض الحنابلة: هو يمين كالاول على كل حال.
والقسم الثالث: ما يسمى به الله تعالى وغيره، ولا ينصرف إليه بإطلاقه كالحى والعالم والموجود والمؤمن والكريم والشاكر، فهذا ان قصد به اليمين باسم الله تعالى، فعندنا لا يكون يمينا.
لان اليمين انما تنعقد لحرمة الاسم ومع الاشتراك لا تكون له حرمة، والنية المجردة لا تنعقد بها اليمين وقال أحمد وأصحابه إلا القاضى أبا بكر: ان قصد به اليمين باسم الله تعالى

الصفحة 27