كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 18)

كان يمينا، وإن أطلق أو قصد غير الله تعالى لم يكن يمينا فيختلف هذا القسم والذي قبله في حالة الاطلاق، ففي الاول يكون يمينا وفي الثاني لا يكون يمينا
(فرع)
والقسم بصفاته تعالى كالقسم بأسمائه.
وصفاته تنقسم إلى ثلاثة أقسام أولها ما هو من صفات الذات الالهية ولا يحتمل صرفا إلى غيرها كعزة الله وجلاله وعظمته وكبريائه وكلامه، فهذه تنعقد بها اليمين، وبه قال أحمد وأصحاب الرأى ومالك، لان هذه من صفات ذاته لم يزل موصوفا بها، وقد ورد الاثر بالقسم ببعضها، فروى " أن النار تقول قط قط وعزتك " رواه البخاري، والذي يخرج من النار يقول: وعزتك لا أسألك غيرها.
وفي كتاب الله تعالى " فبعزتك لاغوينهن أجمعين " (الثاني) ما هو صفة الذات ويعبر به عن غيرها مجازا كعلم الله وقدرته، فهذه صفة للذات لم يزل موصوفا بها، وقد تستعمل في المعلوم والمقدور اتساعا، كقولهم اللهم اغفر لنا علمك فينا، ويقال اللهم قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك ويقال انظر إلى قدرة الله، أي إلى مقدوره، فمتى أقسم بهذه الصفات مضافة إلى الله تعالى ولم ينو المعلوم أو المقدور انعقد يمينه، وبهذا قال أحمد رضى الله عنه.
وقال أبو حنيفة " إذا قال وعلم الله " لا يكون يمينا لانه يحتمل المعلوم دليلنا أن العلم من صفات الله تعالى فكانت اليمين به يمينا موجبة للكفارة كالعظمة والعزة والقدرة، وينتقض ما ذكروه بالقدرة، فإنهم قد سلموها وهى قرينها، فأما إن نوى القسم بالمقدور والمعلوم لا يكون يمينا، وهو قول أصحاب أحمد لانه نوى بالاسم غير صفة الله مع احتمال اللفظ مانواه، فأشبه ما لو نوى القسم بمحلوف في الاسماء التى يسمى بها غير الله تعالى وقد روى عن أحمد أن ذلك يكون يمينا بكل حال ولاتقبل منه نية غير صفة الله تعالى، وهو قول أبى حنيفة في القدرة، لان ذلك موضوع للصفة فلا يقبل منه غير الصفة كالعظمة.
قال ابن قدامة " وقد ذكر طلحة العاقولي في أسماء الله تعالى المعرفة بلام
التعريف كالخالق والرازق أنها تكون يمينا بكل حال، لانها لا تنصرف إلا إلى اسم الله تعالى.
كذا هذا

الصفحة 28