كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 18)

(والثاني) أنه يبر لانه حصل بكل سوط ضربة، ولهذا لو ضرب به في حد الزنا حسب بكل سوط جلدة (الشرح) قوله: فقال الله عز وجل " وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث " ذهب المفسرون في تفسير هذه الآية مذهب الاسرائيليات التي تغفل السياق ومواقع الكلم.
وحكموا في ذلك أحاديث بعضها موقوف وبعضها مرفوع لم يصح منها سوى حديث " بينا أيوب يغتسل إذ خر عليه رجل من جراد من ذهب " الحديث.
وإذ لم يصح عنه فيه إلا ما ذكر القرآن فإنا ذاكروا ماقاله ابن العربي لموافقته مذهبنا في تأويلها.
قال ما ذكره المفسرون من أن إبليس كان له مكان في السماء السابعة من العام فقول باطل، لانه أهبط منها بلغنة وسخط إلى الارض فكيف يرقى إلى محل الرضا ويحول في مقامات الانبياء ويخترق السموات العلى، إن هذا لخطب من الجهالة عظيم، إلى أن قال: وأما قولهم: إنه قال لزوجته أنا إله الارض، ولو تركت ذكر الله وسجدت أنت لى لعافيته، فاعلموا وإنكم لتعلمون أنه لو عرض لاحدكم وبه ألم وقال هذا الكلام ما جاز عنده أن يكون إلها في الارض وأنه يسجد له وأنه يعافى من البلاء فكيف أن تستريب زوجة نبى؟ ولو كانت زوجة سوادى أو قدم برجوى
ما ساغ لك عندها وأما تصويره الاموال والاهل في واد فذلك ما يقدر عليه إبليس بحال، ولا هو في طريق السحر، فيقال إنه من جنسه.
إلى أن قال: والذي جرأهم على ذلك وتذرعوا به إلى ذكر هذا قوله تعالى " إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب " انتهى.
قلت: الذى يتفق مع نظام الذكر الحكيم والتذكير المتين أن الله تعالى أراد أن يسلى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بجهاد الانبياء قبله وصبرهم على الضرر والبلاء فليس من المناسب أن يقول له: اذكر عبدنا أيوب كيف حلف أن يضرب امرأته مائة سوط، فقلنا له خذ عرجونا به مائة شمراخ فاضربها به ولا تحنث انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب.

الصفحة 81