كتاب المجموع شرح المهذب (اسم الجزء: 18)

ان هذا كلام عجيب وفهم للآيات غريب، وان الذي يناسب مقام النبوة أن يكون أبوب عليه السلام بعث في قوم كان الشيطان يعبث بعقولهم، فكان كلما آمن به فريق منهم ارتد وانحاز إلى الضلالة فشكا لربه هذا العناء " انى مسنى الشيطان بنصب وعذاب " فقال له ربه " ثبت قدمك على دعوتنا وتقدم بخطى سريعة ثابتة إلى الامام، وهذا هو الذي يفيده معنى الركض بالرجل.
ففى هذا ازالة لما يمسك من لغوب ونصب وتنقية لما تعانيه من عناد قومك من وساوس الشيطان، وشراب هنئ لك يشرح صدرك، ويجلو عنك الضيق والحرج وخذ بيدك غصنا فلوح به على وجوه الناس ولا تأثم ولا تغلظ، لان الحنث هو الاثم.
قال تعالى " وكانوا يصرون على الحنث العظيم " ومما استقر في الفطر وارتكز في الطباع أن الغصن الرطب كغصن الزيتون مثلا يضرب به المثل في الامم بالسلام.
والله أعلم.
أما أحكام الفصل فإنه لا يجوز أن يضرب الرجل امرأته فوق حد الادب، لقوله صلى الله عليه وسلم " واضربوهن ضربا غير مبرح " وقد اختلف الفقهاء في هذا الحكم الذي فهموه من الآتة، هل هو عام أو خاص بأيوب وحده؟ فروى عن مجاهد أنه عام وحكى عن القشيرى أن ذلك خاص بأيوب.
وحكى المهدوى عن عطاء بن أبى رباح أن ذلك حكم باق، وأنه أذا ضرب بمائة قضيب ونحوه ضربة واحدة بر وروى نحوه الشافعي رضى الله عنه.
وروى نحوه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المقعد الذي حملت منه الوليدة.
وأمر أن يضرب بعثكول فيه مائة شمراخ ضربة واحدة.
وقال القشيرى وقيل العطاء هل يعمل بهذا اليوم؟ فقال ما أنزل القرآن الا ليعمل به ويتبع.
وروى عن عطاء أنها لايوب خاصة.
وكذلك روى أبو زيد عن ابن القاسم عن مالك " من حلف ليضربن عبده مائة فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبر وقال القرطبى، وقال بعض علمائنا - يريد مالك - قوله تعالى " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " أي ان ذلك منسوخ بشريعتنا

الصفحة 82