كتاب تفسير القرطبي (اسم الجزء: 18)

" الْحَدِيدِ". (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) تَقَدَّمَ مَعْنَى الشُّكْرِ فِي" الْبَقَرَةِ" «1». وَالْحَلِيمُ: الَّذِي لَا يعجل.

[سورة التغابن (64): آية 18]
عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)
قَوْلُهُ تَعَالَى (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أَيْ مَا غَابَ وَحَضَرَ. وَهُوَ (الْعَزِيزُ) أَيِ الْغَالِبُ الْقَاهِرُ. فَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ «2» [الجاثية: 2]. أَيْ مِنَ اللَّهِ الْقَاهِرِ الْمُحْكِمِ خَالِقِ الْأَشْيَاءِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى نَفَاسَةِ الْقَدْرِ، يُقَالُ مِنْهُ: عَزَّ يَعِزُّ (بِكَسْرِ الْعَيْنِ) فَيَتَنَاوَلُ مَعْنَى الْعَزِيزِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُعَادِلُهُ شي وَأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (الْحَكِيمُ) فِي تَدْبِيرِ خَلْقِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْحَكِيمُ هُوَ الْمُحْكِمُ لِخَلْقِ الْأَشْيَاءِ، صُرِفَ عَنْ مُفْعِلٍ إِلَى فَعِيلٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ «3» [يونس: 1] مَعْنَاهُ الْمُحْكَمُ، فَصُرِفَ عَنْ مُفْعَلٍ إِلَى فَعِيلٍ. والله اعلم.

[تفسير سورة الطلاق]
سُورَةُ الطَّلَاقِ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ. وَهِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً، أَوِ اثْنَتَا عَشْرَةَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الطلاق (65): آيَةً 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (1)
__________
(1). راجع ج 1 ص (397)
(2). راجع ج 15 ص (232)
(3). راجع ج 8 ص 305

الصفحة 147