كتاب تفسير القرطبي (اسم الجزء: 18)

فِيكُمْ وَعَلَيْكُمْ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ وَمَنْ آمَنَ بِهِ هَدَاهُ، وَمَنْ أَقْرَضَهُ جَازَاهُ، وَمَنْ وَثِقَ بِهِ نَجَّاهُ، وَمَنْ دَعَاهُ أَجَابَ لَهُ. وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ «1» قَلْبَهُ [التَّغَابُنِ: 11]. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ «2» فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3]. إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ «3» [التغابن: 17]. وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ»
[آل عمران: 101]. وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ «5» [البقرة: 186].

[سورة الطلاق (65): الآيات 4 الى 5]
وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (4) ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (5)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ لَمَّا بَيَّنَ أَمْرَ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ فِي الَّتِي تَحِيضُ، وَكَانُوا قَدْ عَرَفُوا عِدَّةَ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، عَرَّفَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ عِدَّةَ الَّتِي لَا تَرَى الدَّمَ وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ عُمَرُ بْنُ سَالِمٍ: لَمَّا نَزَلَتْ عِدَّةُ النِّسَاءِ فِي سُورَةِ" الْبَقَرَةِ" فِي الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ قَدْ بَقِيَ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِنَّ شي: الصِّغَارُ وَذَوَاتُ الْحَمْلِ، فَنَزَلَتْ: وَاللَّائِي يَئِسْنَ الْآيَةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لَمَّا ذُكِرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة: ([228) قَالَ خَلَّادُ بْنُ النُّعْمَانِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا عِدَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ، وَعِدَّةُ الَّتِي انقطع حيضها، وعدة
__________
(1). راجع ص 139 وص 161، 146 من هذا الجزء.
(2). راجع ص 139 وص 161، 146 من هذا الجزء.
(3). راجع ص 139 وص 161، 146 من هذا الجزء.
(4). راجع ج 4 ص (156)
(5). راجع ج 2 ص 4 (308) ج 3 ص 112

الصفحة 162