كتاب تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (اسم الجزء: 18)

فرع دري من قبل خلق الورى ... وبعد أن يفنوا قدوة بواق
لا كرم إلا له أو به كال ... بحر منه وإليه الشواق
نور سواد القلب في حجبه ... ورب ذي حجب كماء الصفاق
اخلط بالعالم علما له مل ... كا كما الخضر حواه النطاق
تلو رَسُول اللَّهِ من إله إن ... عَلَى الأعراف يحدي العتاق
قبل ذكاء السن حاز المدى ... كليلة الفطر هلال المحاق
قد جمعت أشتات فخر له ... ما ظن بين اثنين منها ائتلاق
عم وما يشكر إنعامه ... لأنه تكليف ما لا يطاق
ومدح الإمام القائم قصيدة أخرى وأنشدها يوم الخميس ثالث المحرم سنة خمس وعشرين وأربعمائة في القصر الفاخر الصغير في الموكب الأشرف أولها:
تذكر نجدًا والحديث شجون ... نجن اشتياقا والجنون فنون
وأصبح في شغل من الوجد شاغل ... جنون لعمري ذا العرام جنون
وما خطرات الشوق إلا وساوس ... تحركن قلبًا هن فيه سكون
هوى النفس فيها جوهر تستثيره ... كأثر اليماني أخلصته قنون
فيأتي عَلَى الأجسام أنفسها كما ... تأكل من حد السيوف جفون
وقد كان قبل البين جلدا فقد وهت ... قواه وباتت في القناة وهون
ويفيض مشيبا بالشباب وإنما ال ... مشيب فتور والشباب فتون
وكان ولا الصخر الأصم صلابة ... وكالصخر للنيران فيه كمون
ليالي جنان بالصبي يستفزه ... ونزها صباه شره ومجون
يروق المهاء والأسد روق شبابه ... وروضات جنات له وعيون
يفارق شمس الشرق في بيت عقره ... وللشهب من بعد إليه شقون
ويسعى له ذو التاج من فوق عرشه ... يراح وأقدام الملوك صفون
تزف حواليه قلوب إذا بدا ... وتتبعه حتى تغيب عيون
يرى أن طرف العين حتى يوده ... نوى قذف دون الحبيب سطون
يظن به ما لا يظن لمثله ... لضن به إن الضنين ظنون
جموح إلى اللذات يستلب المدى ... وأما عَلَى من لامه فحزون

الصفحة 218