كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 18)

«ليس على أبيك كرب بعد اليوم» . فلما مات صلّى الله عليه وسلّم قالت فاطمة:
يا أبتاه أجاب ربّا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ينعاه، يا أبتاه من ربه ما أدناه! قال: فلما دفن قالت فاطمة: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التراب؟. وعن عكرمة قال: لما توفّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بكت أمّ أيمن، فقيل لها أتبكين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقالت: أما والله ما أبكى عليه ألّا أكون أعلم أنه ذهب إلى ما هو خير له من الدنيا، ولكن أبكى على خبر السماء انقطع. وعن عبد الرحمن ابن سعد بن يربوع قال: جاء علىّ بن أبى طالب يوما متقنعا متحازنا، فقال أبو بكر:
أراك متحازنا، فقال علىّ: إنه عنانى ما لم يعنك، قال يقول أبو بكر: اسمعوا ما يقول! أنشدكم الله أترون أحدا كان أحزن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منّى؟. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت عثمان بن عفان يقول:
توفّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحزن عليه رجال من أصحابه حتى كاد بعضهم يوسوس. وعن القاسم بن محمد: أن رجلا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذهب بصره فدخل عليه أصحابه يعودونه، فقال: إنما كنت أريدهما لأنظر بهما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأمّا إذ قبض الله نبيّه فما يسرّنى «1» أن ما بهما بظبى من ظباء تبالة «2» . وأمّا عائشة أمّ المؤمنين رضى الله عنها فإنها لازمت قبره صلّى الله عليه وسلّم.
ورثى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جماعة من أصحابه وعمّاته رضى الله عنهم فقال أبو بكر الصّدّيق رضى الله عنه:

الصفحة 399