كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

جزية أو خراج من وجوه الأموال (¬1).
وأما جوامع الكلم فهو القرآن؛ لأنه تأتي الآية منه في معان مختلفة بتأويلات، وكل يؤدي إلى بر (لمتأوله) (¬2) والآخذ به. قَالَ تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] وهذا يدل على أن (الكتاب) (¬3) جوامع الكلم، وكقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف: 199] فلو أن هذا نزل في تدبير الدنيا كلها والآخرة لكفاهما، وكذا قَالَ ابن التين: إن المراد بجوامع الكلم: القرآن، جمع الله فيه (من) (¬4) الألفاظ اليسيرة معاني كثيرة، ومنه ما جاء في صفته: يتكلم بجوامع الكلم. يعني أنه كثير المعاني قليل الألفاظ. وقَالَ عمر بن عبد العزيز: عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم؟ يقول: كيف لا يقتصر على الوجيز. ويترك الفضول وقال ابن شهاب فيما ذكره الإسماعيلي: (بلغني (¬5) أن جوامع الكلم) أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد أو الأمرين أو نحو ذَلِكَ، وقال الخطابي: معناه: إيجاز الكلام في إشباع المعاني.
وفيه: الحث على حسن التفهيم والاستنباط لاستخراج تلك المعاني وتبيين تلك الدقائق المودعة فيها (¬6).
¬__________
(¬1) "أعلام الحديث" 2/ 1423.
(¬2) في (ص1): لتناوله.
(¬3) في (ص1): القرآن.
(¬4) من (ص1).
(¬5) ورد بهامش الأصل ما نصه: بلاغ ابن شهاب عزاه شيخنا هنا إلى الإسماعيلي وفي "الخصائص" إلى "دلائل البيهقي"، وهو في البخاري في التعبير. قال شيخنا: إن البيهقي عزاه إلى البخاري ومسلم.
(¬6) "أعلام الحديث" 2/ 1422.

الصفحة 107