سبيل الله يقول لصاحبه: إذا بلغت به وادي القرى فشأنك به (¬1). قَالَ أحمد: إنما قاله؛ لأنه كان يذهب إلى أن المحمول عليه إنما يستحقه بعد الغزو (¬2)، وكذلك قَالَ سعيد بن المسيب: إذا أعطي الرجل الشيء في الغزو فبلغ به رأس مغزاه فهو له (¬3). وهو قول القاسم وسالم والثوري والليث، قَالَ الليث: إلا أن يكون حبسًا فلا يباع (¬4).
والعلماء متفقون في الحبس أنه لا يباع، غير الكوفيين الذين لا يجيزون الإحباس، وقال مالك: من أعطي فرسًا في سبيل الله فقيل (له) (¬5): إنه لك في سبيل الله. فله أن يبيعه، وإن قيل: هو في سبيل الله ركبه ورده، ويكون موقوفًا عنده لحمل الغزاة عليه. وقال أبو حنيفة والشافعي: الفرس المحمول عليه في سبيل الله هو تمليك لمن يحمل عليه، وإن قيل له: إذا بلغت به رأس مغزاك فهو لك. كان تمليكًا على مخاطرة ولم يجز (¬6)، وهي عندهم عطية غير بتلة؛ لأنها بشرط قد يقع وقد لا يقع، لجواز موته قبل بلوغه رأس مغزاته، ولم يملك منه شيئًا قبل ذَلِكَ، وأما إذا قَالَ: هو لك في سبيل الله، أو أحملك عليه في سبيل الله. فقد أعطاه (إياه) (¬7) على شرط الغزو به، وهذا معنى قول ابن عمر وابن المسيب عند الكوفيين والشافعي، وسواء ذَلِكَ كله عند مالك؛ لأنه إذا قَالَ له: إذا بلغت به رأس مغزاك فهو
¬__________
(¬1) "الموطأ" ص449.
(¬2) "المغني" 13/ 43.
(¬3) "التمهيد" 14/ 75، "المغني" 13/ 41 - 42.
(¬4) انظر: "المغني" 13/ 43.
(¬5) من (ص1).
(¬6) "التمهيد" 3/ 258، 14/ 75 - 76.
(¬7) في (ص1): له.